بمكة فلما سار به ثلاثة أيام رآه يصوم نهاره ويقوم ليله فقال له الرسول والله إني أذهب بك إلى من يقتلك فاذهب أي الطريق شئت فقال له سعيد أنه سيبلغ الحجاج أنك أخذتني فإن خليت عني خفت أن يقتلك ولكن اذهب بي إليه فذهب به فلما دخل قال له الحجاج ما اسمك قال سعيد بن جبير فقال بل شقي بن كسير فقال أمي سمتني فقال شقيت قال الغيب يعلمه غيرك قال الحجاج أما والله لأبدلنك من دنياك ناراً تلظى قال لو علمت أن ذلك إليك ما اتخذت إلهاً غيرك فسأله عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى أن قال ما تقول في قال أنت بنفسك أعلم قال بث فيّ علمك قال إذا أسوؤك ولا أسرك قال بث قال نعم ظهر منك جور في حدّ الله وجراءة في معاصيه بقتلك أولياء الله قال والله لأقطعنك قطعاً قال إذا تفسد عليَّ دنياي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك قال الويل لك قال الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار قال اذهبوا به فاضربوا عنقه قال سعيد فإني أشهدك أني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فلما ذهبوا به ليقتل تبسم فقال الحجاج مم ضحكت قال من جراءتك على الله عز وجل فقال أضجعوه للذبح فأضجع فقال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض قال اقلبوا ظهره إلى القبلة فقرأ سعيد فأينما تولوا فثم وجه الله فقال كبوه على وجهه فقرأ سعيد منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى فذبح فبلغ ذلك الحسن فقال اللهم قاصم الجبابرة اقصم الحجاج فما بقي إلا ثلاثاً حتى وقع الدود في جوفه فهلك.
قال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن الحسين حدثنا داود بن المحبر حدثنا صالح المري سمعت أبا عمران الجوني قال أوصاني أبو الجلد بأن ألقنه لا إله إلا الله فكنت عند رأسه وقد أخذه كرب الموت فجعلت أقول له يا أبا الجلد قل لا إله إلا الله قال لا الله إلا الله بها أرجو نجاة نفسي لا إله إلا الله ثم قبض.