- وذكر سيف بن عمر أنه لما كانت وقعة البحرين والمسلمون أميرهم العلاء1 بن الحضرمي فلما كانوا بالدهناء2 حيث لا ماء أراد الله أن يريهم آية عظيمة فلما نزل الناس نَفَرت ركابهم في جوف الليل فلم يبق معهم منها بعير إلاّ زاد ولا مزاد، وذلك حين نزل الناس وقبل أن يَحُطُّوا، فهجم عليهم من الغم ما لم يهجم على أمة / (2/174/ب) حتى أفضى بعضهم إلى بعض فنادى منادي العلاء: أن اجتمعوا. فاجتمعوا إليه، فقال: ما هذا الذي ظهر فيكم وغلب عليكم؟ فقالوا: كيف لا نكون كذلك ونحن إن بلغنا غدالم تَحْم شمسه حتى نصير حديثاً. فقال: لا تراعوا ألستم مسلمين؟ ألستم في سبيل الله؟ ألستم أنصار الله؟ قالوا: بلى. قال: فأبشروا فوالله لا يخذل الله من كان في مثل حالكم. فلما طلع الفجر صلّى بنا، ومنا المتيمم ومنا من بات3 على طهوره لعدم الماء، فلما قضى صلاته جثا على ركبتيه وجثا الناس فنصب في الدعاء ونصبوا معه فلمع لهم سراب مع طلوع الشمس فالتفت إلى الصفّ، وقال: رايد ينظر ما هذا؟ فرجع فقال: سراب. فأقبل على الدعاء، ثم لمع لهم آخر فكذلك ثم لمع آخر فقال العلاء: ماء. فقام وقام الناس فنَزلوا على ماء كثير فشربوا واغتسلوا، فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل تُكْرَد4 من كل وجه فأناخت إليهم وعليها أزوادهم، فقام كل رجل