وقد تتاعقب الألوان على الشجر والثمر، فترى الثمرة الواحدة بينما هي في غاية البياض إذ عادت في غاية الاخضرار، وبينمنا هي كذلك إذ صارت صفراء ثم حمراء ثم سوداء وكذلك أحوالها في الطعوم وتنقلها من المرارة إلى الغضوضة إلى الحلاوة وذلك في الزمن اليسير.
وقد نرى الشخص أزهر اللون نقي البشرة في حال الصبوة ثم نراه في حال الشيخوخة فلا تكاد تبين1 صورته، وهذا الشَّيْب فإنه يصبغ الأسود الحالك أبيضاً يَقَقَا2 وهذا من أعجب أنواع الصباغ، ولا عجب من حسن ما الله خالق، وقد قال شاعرهم في هذا المعنى:
أنكرتني إذ رأت شيبي بدا ثم قالت ما الذي بعدي عراه
قلت هذا صبغة الله ومن يصبغ الأسود مبيضاً سواه
/ (2/4/أ) وكم مَنْ قد اتّفق له هم وغم وركوب هول في بر أو بحر فبات غربيباً فأصبح أشيباً ولقد خُبرِّت3 أن عندنا بأرض مصر حيواناً يعرف بالحرباء يتلون في الساعة الواحدة عدة ألوان، وهذه أمور شاهدة بأن الشبه غير مستحيل في نفسه، وإذا كان جائزاً فقد أخبر الصادق بوقوعه فلا التفات بعد ذلك إلى جهلة4 النصارى في ردِّه.