وقد قال المسيح لليهود: "إما أن تكونوا / (1/181/أ) شجرة وثمرتها طيبة، إما أن تكونوا شجرة خبيثة وثمرتها خبيثة؛ لأن من الثمرة تعرف الشجرة"1. هذا تأويله عند بعض أسلافنا. رحمهم الله.
وأنا أقول: يحتمل أن يريد بالحبلة جزيرة العرب وهي الحجاز وما والاه، وقد كانت قبل معبث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمل الشرور ومحط الآثام كالحبلة التي خمَّرتها أم الخبائث فربط عليه السلام مركوبه؛ أي: استقر بها فلم يزايلهاحتى أزال ما بها من الشرك، وأبادما اشتملت عليه من الكفر والإفك، وأحال حالها من عبادةالأوثان إلى عبادةالرحمن كاستحالةالخمر خلاً.
وقد قال بعض أهل العلم: إنهم غيَّروا من كلام يعقوب كلمتين: أحدهما: (جحشه) وإنما هي: مهره. والثانية: (الملك) وإنما هي: الكلّ. وذكر أنه رأى ذلك في نسخة لم تتغير - قال -: وإنما فعلوا ذلك لكي يخرجوا نص يعقوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: ولا فائدة لهم أيضاً في ذلك، فلعمري لقد كان له عليه السلام [حمار] 2 يسمى يعفور، ومعلوم أنه لا بدَّ من ربطه بالشجر/ (1/181/ب) وغيرها، وخفاء علامة واحدة - لو خفيت - لا يقدح في ظهور بقية الصفات.
وأما قوله: "يرخص بالخمر لباسه"، فذلك كناية عن جهاده الكفار وقتاله في سبيل الله، أسوة سائر الرسل كما صنع إبراهيم وموسى ويوشع وداود، والخمر هو الدم ودليله قول المسيح: "وأشار إلى الخمر: هذا دمي"3. وكأنه