والجواب: أن ذلك يحتمل التقديم والتأخير لفساد التعبير وتبدل اللسان فتكون إن الجسد الإنساني الذي هو جسد المسيح سمي الكلمة، ولا معنى لـ: (صار) إلاّ تجدد ما لم يكن، وقوله: (وحلّ فينا) إشارة إلى جسد يسوع المسيح الذي صار كلمة بالتسمية من الله تعالى، وكأن يوحنا يقول: إن الذي كفر به اليهود ونسبوه إلى الجنون شرَّفه الله سماه كلمة له، وأقام بين أظهرنا ما أقام لم يعرفوا قدره.
ويحتمل أن يكون يوحنا أشار بهذا القول إلى بطرس كبير التلاميذ وَوَصَّي المسيح من بعده، فإنه قام بتدبيرهم بعد رفع المسيح بعهد عهده إليه ووصية أوصاه، وكان التلاميذ يفزعون إليه في نوازلهم بعد المسيح على ما يشهد به سيرهم، / (1/168/ب) وكأن يوحنا يقول: "إن ذهبت الكلمة من بيننا فإنها لم تذهب حتى صارت جسداً وحلّ فينا". يريد أن بركة الكلمة وتدبيرها حاضر في جسد بيننا وهو بطرس.
ويحتمل أن يكون يوحنا قال: "إن الكلمة أصارت جسداً وحَلَّ فينا". فأسقطوا الهمزة عند إخراج الكلام إلى اللسان العربي من العبراني، والميز1 بين صارت وأصارت لا يكاد يدرك في اللسان الواحد، فكيف مع النقل والتحويل وفساد الترجمة؟! وقد أخبر الله تعالى أن المسيح كان يصنع من الطين حيواناً2، والنصارى وإن أنكروا هذا ففي الإنجيل ما يصدِّقه وهو: "أن المسيح عليه السلام تفل على الطين من ريقه وصوَّره على موضع عيني رجل أكمه قد