والجواب: أن له وجوهاً من التأويل:
أحدها: إنه قد اعترف في الإنجيل في غير موضع أنه رسول من الله إلى عباد الله، ولا شكّ أن رسول الملك إذا توجه إلى قطر فأبدى بعض الرعية شماساً1 عن الامتثال فيحسن منه أن يقول: أنا ومن أرسلني واحد، ومن رآني فقد رآى من أرسلني، ومن بايعني أو عاهدني فقد بايع وعاهد من أرسلني وحصل له العصمة والذمام، وذلك غير مستنكر من الرسل والنواب والوكلاء ومن ندب لسفارة ووساطة بين اثنين أو جماعة، ومنه قول الله عزوجل لنبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوقَ أَيْدِيهِم} . [سورة الفتح، الآية: 10] .
الوجه الثاني: أن رؤية الصنعة تدل على صانعها؛ إذ لا يتصور بناء محكم متقن إلاّ ببانٍ حكيم متقن، وكلما جَلَّت الصنعة دلّت على جلال صانعها، والمسيح لما بهر الناس بما صدر على يديه من العجائب ورأى التفاتهم إليه / (1/166/أ) واشتغالهم به فأحب رفع هممهم إلى الله الذي هو أعلى وأجل وأحكم من كلّ حكيم، وقد قال في إنجيله: "أبي أعظم مني"2. وقال له إنسان: يا معلم صالح. فقال: "لا تقل لي صالحاً، لا صالح إلاّ الله واحده".