والمغفرة بالله سبحانه،/ (1/163/ب) وقد كان المعمداني يتصل به ما يهتف به اليهود من فذف المسيح وقذف والدته الطاهرة، ويبلغه قول اليهود: "إنه لن يجيء من الجليل والناصرة نبيّ"1، فلما وقع بصره على المسيح وعرفه بتعريف الله له قال: "هذا الذي به يحط الله خطايا عالم زمانه". والدليل عليه: بقية الكلام إذ قال يوحنا: "هذا الذي قلت لكم إنه يأتي بعدي، وهو أقوى مني، وأنا فلا أستحقّ أن أحلّ سيور حذائه ولا أصلح أجلس مقعد خفه، وهو الذي بيده الرفش ينقي بيدره الغلة إلى إهرائه، ويحرق الأتبان بالنار التي لا تطفئ"2.
فقد أفادنا قول المعمداني هذا معانٍ شتّى في شأن المسيح منها: تسويته المسيح مع مسائر بني إسرائيل في جعله خروفاً، قال المسيح في إنجيله: "إني إنما أرسلت للخراف الضالّة من بني إسرائيل"3. سمّى الناس خرافاً، وسماه المعمداني خروفاً من غير تفرقه بينه وبين غيره، وكذلك قال المسيح: "أنا الراعي الصالح وأنا عارف برعيتي"4.
ومنها: أن المعمداني شهد / (1/164/أ) بأن المسيح عبد الله، وأضافه إليه إضافة ملك، فقال: "هذا خروف الله". وقال مرة أخرى: "هذا حمل الله". فشهد بأن الله مالكه، ولم يقل المعمداني حين رأى المسيح: هذا هو الله - كما يهذي به طوائف من النصارى. ولا قال: هذا الإنسان الذي اتّحد الله به أو سكن الله في إهابه واتّخذه له نزلاً ومسكناً - كما افتراه متأخرو النصارى.