نحن فيه بحمد الله، لأنه ليس في قتلة عثمان رضي الله عنه من ثبتت له الصحبة أصلاً، ولا من يذكر فيهم سوى محمد بن أبي بكر، وهو لا صحبة له ولا رؤية أيضاً، لأنه ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر.
وجميع ما تقدم من هذه الأقوال الشاذة باطلة، والحق ما ذهب إليه الجمهور الأعظم من القول المتقدم أولا، إلا أن الإمام المازري لم يعم به جميع الصحابة بل قال:
لسنا نعني به كل من رآه اتفاقاً أو زاراه لماماً أو ألمّ به لغرض وانصرف عن قريب، لكن إنما نريد به الصحابة الذين لازموه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه وأولئك هم المفلحون.1
وهذا قول غريب يخرج كثيراً من المشهورين بالصحبة والرواية عن الحكم لهم بالعدالة أصلاً كوائل بن حجر ومالك بن الحويرث، وعثمان بن أبي العاص، وأشباههم ممن وفد عليه صلى الله عليه وسلم ولم يقم إلا أياماً قلائل ثم انصرف.
وكذلك من لم يعرف إلا برواية الحديث الواحد أو الإثنين ولم يدر مقدار صحبته من أعراب القبائل.
فالقول بالتعميم هو الذي عليه الجمهور، وإن كان بعض الأدلة التي نذكرها تظهر اختصاصها بالذين أشار إليهم المازري، فغيرها يقتضي تعميم الحكم للجميع، ومجموعها يرجع إلى وجوه:
أحدها: ثناء الله عليهم ومدحه إياهم ووصفه لهم بكل جميل، قال الله تعالى: