الثالث: من لقيه صلى الله عليه وسلم بمجالسة يسيرة أو مبايعة أو مماشاة. وكان مسلماً إما بالغاً أو مميزاً. وعقل من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ما، بأن أجلسه في حجره أو مج في وجهه ماء أو غير ذلك، فلاريب في أن الإطلاق العرفي منتف عن مثل هؤلاء.
وأما الإطلاق اللغوي فهو قريب. وقد ينازع فيه لأنه يصح نفي الصحبة عن أمثال هؤلاء. فيقال ما صحبه ولكن بايعه أو كلمه يسيراً أو جلس في حجره صغيراً ونحو ذلك.
وصحة النفي1 من علامات المجاز. فلا يكون إطلاق إسم الصحبة عليهم بطريق الحقيقة، لكن الإتفاق واقع من أئمة الحديث في كل عصر على تسمية هؤلاء من جملة الصحابة. وإخراج ما حكوه من تلك الوقائع في مسانيد الصحابة والإحتجاج بما فيها من الأحكام إذا صح السند إليهم من غير توقف في ذلك. فإسم الصحبة في أمثال هؤلاء قريب من الحقيقة اللغوية قرباً قوياً وإن كان الاستعمال العرفي معدوماً في حقهم.
ومن هؤلاء طارق بن عبد الله المحاربي حيث أخبر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقال:
3-" هل معكم شيء تبيعونه؟ قلنا: نعم. هذا البعير. قال: بكم؟ قلنا: بكذا وكذا وسقاً من تمر. قال: فأخذه بخطامه (وسار إلى المدينة. فقلنا: بعنا من رجل لا ندري من هو) 2 ومعنا ظعينة3. فقالت: أنا ضامنة لكم ثمن البعير. رأيت وجه رجل مثل القمر ليلة