لطيفة حكاه بعض أئمة الحديث المتأخرين عن الواقدي أنه قال:
"ورأيت أهل العلم يقولون: كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أدرك الحلم فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه، فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من النهار"1.
وهكذا قال الآمدي في الأحكام ناقلاً له عن أكثر أصحابنا:
"أن الصحابي من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه ولو ساعة، وإن لم يختص به اختصاص المصحوب، ولا روى عنه ولا طالت مدة صحبته"2.
وعبارة الشيخ صفي الدين الأرموي في نهاية الوصول نحو هذا.
وهي أعم من قول الواقدي المتقدم آنفاً. من جهة أن ذاك اشترط فيه البلوغ، ولم يقيد الآمدي والأرموي كلامهما بذلك. بل يدخل فيه أيضاً الصبي المميز كمحمود بن الربيع الذي عقل عن النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين3. وعده البخاري وغيره من الصحابة لذلك. فيمكن لذلك أن يجعل الكلامان قولين متباينين.
وأما ابن الحاجب فإنه اختار في مختصريه القول الذي نقلناه أولاً عن أحمد بن حنبل والجمهور من الاكتفاء بمجرد الرؤية4.