الصواب لأنّه يقتني بها جميع الخيرات الإنسيّة المتعلّقة بالخيرات الإلهيّة، وقال «الأثينيّ» في المقالة الثانية من هذا الكتاب: لمّا رحم الآلهة جنس البشر من أجل أنّه مطبوع على التعب هيّؤا لهم أعيادا للآلهة وللسكينات ولأفوللن مدبّر «السكينات» ولديونوسيس مانح البشر الخمرة دواء من عفوصة الشيخوخة ليعودوا فتيانا بالذهول عن الكآبة وانتقال خلق النفس من الشدّة إلى السلامة، وقال أيضا:
إنّهم ألهموهم «1» تدابير الرقص والإيقاع المستوي الوزن جزاء على المتاعب وليتعوّدوا معهم في الأعياد والأفراح، ولذلك سمّى نوع من أنواع الموسيقى في الرمز لصلوات الآلهة «تسابيح» ؛ فهذا كان حال هؤلاء وعلى مثله أمر الهند فإنّهم يرون الشريعة وسننها صادرة عن «رشين» الحكماء قواعد الدين دون الرسول الذي هو «ناراين» المتصوّر عند مجيئه بصور الإنس ولن يجيء إلّا لحسم مادّة شرّ يطلّ «2» على العالم أو لتلافي واقع ولا عوض في شيء من أمر السنن وإنّما تعمل «3» بها كما تجدها فلأجل هذا وقع الاستغناء عن الرسل عندهم في باب الشرع والعبادة وإن وقعت الحاجة إليهم في مصالح البريّة؛ فأمّا نسخها فكأنّه غير ممتنع عندهم لأنّهم يزعمون أنّ أشياء كثيرة كانت مباحا قبل مجيء «باسديو» ثمّ حرّمت ومنها لحم البقر، وذلك لتغيّر طباع الناس وعجزهم عن تحمّل الواجبات ومنها أمر الأنكحة والأنساب فإنّ النسب كان وقتئذ على أحد ثلاثة أصناف، أحدها من صلب الأب في بطن الأمّ المنكوحة كما هو الآن عندنا وعندهم والثاني من صلب الختن في بطن الابنة المزفوفة إذا شورط على أن يكون الولد لأبيها فيكون حينئذ ولد الابنة للجدّ المشارط دون الأب الزارع والثالث من صلب الأجنبيّ في بطن الزوجة لأنّ الأرض للزوج فيكون أولاد المرأة لزوجها إذا كانت الزراعة برضا