بحسب أشكالها وألوانها وأعظامها ومواضعها، وشرّها المتصوّر بصورة الغراب والمتصوّر بصورة رجل مضروب الرقبة والذي على صورة السيف والخنجر والقوس والسهم وهم أبدا حول النيّرين يحرّكون المياه حتى تكدر ويثيرون الجوّ حتى يحمرّ ويزعزعونه حتى يقلع عواصفه كبار الشجر ويضرب بالحصى سوق الناس وركبهم، وينقلون طباع الزمان حتى ينتقل فصول السنة عن مواضعها، فمتى ما كثرت المناحس والشرور من الزلازل والهدّات والتهاب الحرّ واحمرار السماء وتواتر ضجيج الوحوش وصياح الطيور فاعلم أنّ ذلك من أبناء الرأس، وإن ظهرت تلك الأحوال مع كسوف أو بروز مذنّب فاستيقن ما تفرّست ولا تشتغل في الاستدلال بغير أبناء الرأس، وأشر في موضع الشرّ الى ناحيتها من جرم الشمس في الجهات الثماني؛ قال «براهمهر» في كتاب «سنكهت» : انّي لم أتكلّم في المذنّبات الّا بعد استيعاب ما في كتب «كرك» و «براشر» و «است» و «ديبل» وما في سائر الكتب على كثرتها، وإنّما يمتنع ادراك حسابها حتى يتقدّم المعرفة وقت ظهورها واختفائها لأنّها ليست نوعا واحدا بل كثيرة، فمنها العالية المتباعدة عن الأرض التي تظهر بين كواكب المنازل وتسمّى «1» «دبّ» ، ومنها المتوسّطة البعد التي تكون بين السماء والأرض وتسمّى «أنتركش» ، ومنها القريبة من الأرض التي تقع عليها وعلى الجبال والدور والأشجار، فربّما رئي نور واقعا على الأرض وظنّ به أنّه نار فإذا لم يكن نارا فهو «كيت روب» أي «2» على صورة المذنّب، فأمّا الحيوانات التي اذا طارت في الجوّ كانت كالشرر أو النيران الباقية في دور «بيشاج» الأبالسة والشياطين أو سائر اللوامع من الجواهر وغيرها فليست من جنس المذنّبة، ولهذا يجب أن يقدّم على الحكم عليها معرفة مائيّتها لكون الحكم بحسبها، والكائن في الهواء يقع على الرايات والأسلحة والديار والأشجار