فيها من العظام والعروق والمني، وأمّا من الأنثى فما فيها من اللحم والدم والشعر واستعدّت لقبول الحياة اقترنت بها تلك الأرواح وكانت لها كالقصور المهيّأة لصنوف مصالح الملوك، وداخلتها الرياح الخمسة التي باثنتين منها جذب النفس وإرساله، وبالثالثة اختلاط الأغذية في المعدة، وبالراعبة طفرة البدن من موضع إلى آخر، وبالخامسة انتقال الإحساس من طرف البدن إلى آخر؛ والأرواح عندهم غير مختلفة في الجوهر مطبوعة على التساوي وإنّما يختلف أخلاقها وآثارها من جهة اختلاف الأجساد التي تقترن بها بسبب القوى الثلاث التي تتغالب فيها وتفاسدها بالحسد والغيظ، فهذا هو السبب الأعلى في الانبعاث للفعل؛ وأمّا السبب الأسفل من جهة المادّة فهو طلبها الكمال وإيثارها الأفضل الذي هو الخروج من القوة إلى الفعل، وبما في سنخ الطبيعة من المباهاة ومحبّة الغلبة تعرض ما فيها من أصناف الممكن على من تعلّم وتردّد النفس في ضروب النبات وأنواع الحيوان، وشبهّوها «1» برقّاصة حاذقة بصناعتها عارفة بأثر كل وصل وفصل فيها حضرت مترفا شديد الحرص على مشاهدة ما معها فأخذت في أنواع صناعتها «2» تبرزها واحدا بعد آخر وصاحب المجلس يطالعها إلى أن فنى ما معها وانقطع ولوع الناظر فانخزلت «3» باهتة إذ ليس معها غير الإعادة والمعاد مرغوب عنه فسرحها وارتفع الفعل على مثال رفقة في مفازة قطع عليها وتهارب أهلها سوى ضرير كان فيها ومقعد بقيا بالعراء آيسين من النجاء ولمّا التقيا وتعارفا قال الزّمن للضرير أنا عاجز عن الحركة وقادر على الهداية وأمرك فيهما بخلاف امري فمكّني من عاتقك واحملني لأدلّك على الطريق ونخرج معا من الهلكة ففعل وتمّت الإرادة بتعاونهما وانفصلا عند الخروج من الفلاة؛ ثم تختلف العبارة عندهم في الفاعل