جنوده يركض نحوه، وسمع راي ذلك فتخيّر ولم يكن له به طاقة، فاستشار وزيره فقال الوزير: قد هيّجت ساكنا وفعلت ما لا يجب، فاقطع الآن انفي وشفتي ومثّل بي لأجد الى المكر سبيلا فلا وجه للمجاهرة، وفعل به راي ما قال وتركه ومضى الى اقاصي المملكة، فلمّا عثر الجند على الوزير وعرفوه جاءوا به الى كنك فسأله عن حاله، فقال الوزير: كنت انهاه عن المخالفة وادعوه الى الطاعة وانصحه، فاتّهمني ومثّل بي، ومرّ على وجهه الى موضع يطول اليه سلوك الجادة ويسهل من جهة تعسّف فلاة بيننا وبينه ان امكن حمل الماء لكذا يوم، قال «كنك» : هذا سهل وحمل الماء كما قال واستدلّه على السمت، فتقدمه وأدخله مفازة لاحدّ لأطرافها، فلمّا انقضت الأيام ولم يفن الطريق سأل الوزير عن الحال، فقال: لا لوم عليّ في حماية صاحبي وإتلاف عدوّه، وأقرب المخارج من هذه الفلاة ما دخلت منه، فافعل بي ما شئت فلا مخلص لأحد منها، فركب كنك وأجرى فرسه حول موضع منخفض، ثم غرز رمحه في وسطه ففار الماء فورانا كفى الجند شربا وزادا! فقال الوزير: أنا ما قصدت بالحيلة الملائكة القادرين وإنّما قصدت بها الناس العاجزين، وإذ الأمر كذلك فاقبل شفاعتي في وليّ نعمتي واصفح عنه، قال كنك: انا من هذا المكان منصرف الى الوراء، قد اجبتك الى الملتمس، فقد امضى في صاحبك ما وجب، وانصرف وذهب الوزير الى صاحبه «راى» فوجده قد سقطت يداه ورجلاه في اليوم الذي غرز فيه كنك الرمح في الأرض؛ وكان آخرهم «لكتورمان» ووزيره من البراهمة «كلّر» ، قد ساعده الزمان فوجد بالاتفاق دفائن استظهر بها وقوى، وبحسب ذلك اعرضت الدولة عن صاحبه لتقادم عهدها مع اهل بيته «1» ، فساء ادب لكتورمان وقبحت افعاله حتى كثرت الشكايات الى وزيره، فقيّده وحبسه للتأديب ثمّ استحلى الخلوّ بالملك ومعه آلة ذلك من الأموال فاستولى عليه، وملك بعده البراهمة «سامند» ثمّ «كملو» ثمّ «بهيم» ثمّ «جيبال» ثمّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015