«اسفيرات» السماء اي افلاكها ولا يتهيّأ للكهّان من معرفة النجوم في دائرتها ما كان يتهيّأ لآبائهم، ولكنّهم يضلّلون بالخدع، وبما يتّفق ما يقولون وربّما لا يكون؛ والذي في كتاب «بشن دهرم» ما هو زيادة على ما ذكرنا انّهم يجهلون مائيّة الثواب والعقاب وينكرون معرفة الملائكة بالحقيقة، ويختلف اعمارهم فيخفي عليهم مقاديرها، ويموت بعضهم جنينا وبعض طفلا وشابّا، ويخترم المخلصون ولا يعمرون ومن عمل السيّئات وكفر بالدين بقي اكثر، ويصير الملوك في «شودر» فيكونون كالذئاب الخاطفة يسلبون غيرهم ما يرونه، ويشابههم البراهمة في الفعل ويكون الكثرة في شودر وفي اللصوص، ويحبس حقوق البراهمة، ويشار الى من اتعب نفسه بالتقشّف بالأنامل لعزّته ويستخفّ بهم، ويتعجّب ممّن يخدم «بشن» بعد ان كانوا كذلك جملة، ولذلك يسرع الاجابة ويعظم الاثابة على يسير العمل وينال المكان والمكرمة بقليل العبادة والخدمة، وتكون عقبي الأمر في آخر «جوك» عند بلوغ الشرّ غاية مداه خروج «كرك بن جشو» البرهمن وهو «كل» الذي لقّب جوك به بقوّة لا يقاومها احد وبحدّة بكلّ سلاح يكون الفرد فيها، فيجرّد سيفه على الأخلاف الخلف ويطهّر وجه الأرض من دنسهم ويخليها منهم، ويجمع الأطهار البررة للانسال، ويعيد منهم «كريتاجوك» ويعود الزمان والعالم الى النزهة والخير المحض والطيبة، فهذه احوال الجوكات دائرة في «جترجوك» ؛ وفي كتاب «جرك» حكاية عليّ بن زين الطبريّ عنه: انّ الأرض لم تزل في قديم الدهر خصبة سليمة و «مهابوت» الاسطقسات معتدلة، والناس متحابّون مؤتلفون لا حرص فيهم ولا تنازع ولا تباغض ولا تحاسد ولا شيء ممّا يسقم النفس والبدن، فلمّا جاء الحسد عقبه الحرص، وحين حرصوا اجتهدوا في الجمع فاشتدّ على بعضهم وسهل على بعض ودخلت عليهم الأفكار والمتاعب والغموم ودعت الى الحرب والمخادعات والكذب، فقست القلوب وتغيّرت الطبائع، وحلّت الأسقام وشغلت عن عبادة الله وإحياء العلم، فاستحكم الجهل وعظمت البليّة، فاجتمع الصلحاء الى ناسكهم