«الشهر الطبيعيّ» هو من الاجتماع الى الاجتماع، وإنّما صار طبيعيّا لمشابهة أحواله أحوال الطبيعيّات التي لا تخلو من مبدإ لها كأنّه من العدم ومن تزايد وارتفاع في النشوء والنموّ وكالوقوف عند الاعتلاء ثمّ انحطاط يتبعه نحو البلى والدثور وتناقض في النشوء والنموّ الى أن يعود الى ذلك العدم، كذلك نور القمر في جرمه على هذا النهج اذا بدا من المحاق هلالا ثمّ قمرا ثمّ بدرا وتراجع منه كذلك الى السرار الذي هو كالعدم بالإضافة الى الحسّ، فأمّا المكث في المحاق فمعلوم عند الكافّة وأما في الامتلاء فربّما اشتبه على بعض الخاصّة حتى إذا عرف صغر جرم القمر وعظم الشمس علم أنّ القطعة المنيرة منه تربى على المظلمة وذلك ممّا يوجب مدّة مكث ما على الامتلاء بدرا بالضرورة، وأيضا فمن جهة تأثيره في الرطوبات وظاهر انفعالها به حتى يدور معه أمور الزيادة في المدّ والجزر والنقصان فيهما لا يخفى ذلك على ساكني السواحل وركّاب البحر، كما لا يخفى على الأطبّاء تأثيره في اخلاط المرضى ودوران بحارينهم معه، وعلى الطبيعيّين تعلّق أمور الحيوان والنبات به، وعلى أصحاب التجارب أثره في المخاخ والأدمغة والبيض ودرديّ الشراب في دنانه وخوابيه وما يهيجه في رؤوس النيام في فخته ويجلبه على ثياب الكتّان الموضوع في ضوءه، وعلى الفلّاحين ما يظهره في المقاثئ والمباطخ والمقاطن وأمثال ذلك حتى يتجاوزونها الى معرفة أوقات البذر