لب- في ذكر المدة والزمان بالإطلاق وخلق العالم وفنائه

قد حكى محمّد بن زكريّاء عن أوائل اليونانيّين قدمة خمسة أشياء منها البارئ سبحانه ثمّ النفس الكلّيّة ثمّ الهيولى الأوّلة ثمّ المكان ثمّ الزمان المطلقان «1» وبنى هو على ذلك مذهبه الذي تأصّل عنه، وفرّق بين الزمان وبين المدّة بوقوع العدد على احدهما دون الآخر بسبب ما يلحق العدد به من التناهي كما جعل الفلاسفة الزمان مدّة لما له أوّل وآخر والدهر مدّة لما لا أوّل له ولا آخر، وذكر انّ الخمسة في هذا الوجود الموجود اضطراريّة فالمحسوس فيه هو الهيولى المتصوّرة بالتركيب وهي متمكّن فلا بدّ من مكان، واختلاف الأحوال عليه من لوازم الزمان فإنّ بعضها متقدّم وبعضها متأخّر وبالزمان يعرف القدم والحدث والأقدم والأحدث ومعا فلا بدّ منه، وفي الموجود احياء فلا بدّ من النفس، وفيهم عقلاء والصنعة على غاية الاتقان فلا بدّ من البارئ الحكيم العالم المتقن المصلح بغاية ما أمكن الفائض قوّة العقل للتخليص؛ ومن أصحاب النظر من جعل معنى الدهر والزمان واحدا وأوقع التناهي على الحركة العادّة لها، ومنهم من جعل السرمد للحركة المستديرة فلزمت المتحرّك بها لا محالة وحاز الشرف بالبقاء الدائم ثمّ ترقّى من المتحرّك الى محرّكه ومن المتحرّك المحرّك الى المحرّك الأوّل الذي لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015