لأن الله ليس بظاهر لكلّ أحد يدركه بحواسّه فلذلك جهلوه؛ فمنهم من لم يتجاوز فيه المحسوسات، ومنهم من إذا تجاوزها وقف عند المطبوعات، ولم يعرفوا أنّ فوقها من لم يلد ولم يولد ولم يحط بغير «1» إنّيّته علم احد وهو المحيط بكلّ شيء علما. ويختلف كلام الهند في معنى الفعل فمن اضافه إليه كان من جهة السبب الأعمّ لأنّ قوام الفاعلين إذا كان «2» به كان هو سبب فعلهم فهو فعله بوساطتهم، ومن أضافه إلى غيره فمن جهة الوجود الأدنى. وفي كتاب «سانك» قال الناسك:
هل اختلف في الفعل والفاعل أم لا؟ قال الحكيم: قد قال قوم إنّ النفس غير فاعلة والمادّة غير حيّة فالله المستغني هو الذي يجمع بينهما ويفرق فهو الفاعل والفعل واقع من جهته بتحريكهما كما يحرّك الحيّ القادر الموات العاجز؛ وقال آخرون: إنّ اجتماعهما بالطباع فهكذا جرت العادة في كل ناش بال، وقال آخرون: الفاعل هو النفس لأنّ في «بيذ» أنّ كلّ موجود فهو من «پورش» وقال آخرون: الفاعل هو الزمان فإنّ العالم مربوط به رباط الشاة بحبل مشدود بها حتى تكون حركتها بحسب انجذابه واسترخائه، وقال آخرون: ليس الفعل سوى المكافاة على العمل المتقدّم؛ وكلّ هذه الآراء منحرفة عن الصواب وإنّما الحقّ فيه أنّ الفعل كلّه للمادّة لأنّها هي التي تربط وتردّد في الصور وتخلّي فهي الفاعلة وسائر ما تحتها أعوان لها على إكمال الفعل، ولخلّو النفس عن القوى المختلفة هي غير فاعلة. فهذا قول خواصّهم في الله تعالى ويسمّونه «ايشفر» أي المستغنى الجواد الذي يعطي ولا يأخذ لأنهم رأوا وحدته هي المحضة ووحدة ما سواه بوجه من الوجوه متكثرة ورأوا وجوده حقيقيّا لأنّ قوام الموجودات به ولا يمتنع توهم ليس فيها مع «أيس» «3» فيه كما يمتنع توهّم ليس فيه مع «أيس» فيها، ثمّ إن تجاوزنا طبقة الخواصّ من الهند إلى عوامّهم اختلف الأقاويل عندهم وربّما سمجت كما