القطب الشماليّ أنّه العلو وجهة الجنوب متسافل عنه فالكواكب تمرّ إليها كالصبيان في الزحلوقات، فإن كان يعني بهذا المرور الحركة الثانية وذلك هو الأولى فإنّ الكواكب بها لا تمرّ حول «ميرو» وإنّما تميل عن أفقه قريبا من نصف سدس الدور؛ ثمّ ما أبعد مثاله في حركة الشمس بالخشبة الملتهبة، ولو كنّا نرى الشمس المتحرّكة طوقا مستديرا متّصلا لكان مثاله نافعا في تعريفنا أنّه ليس كذلك، فأمّا ونرى الشمس قطعة في السماء كالواقفة فإنّ مثاله هذر، وإن كان يعني بذلك أنّها تعمل مدارا مستديرا فالالتهاب في خشبته حشو فإنّ الحجر المعلّق من رأس خيط يعمل مدارا مثله إذا أدير فوق الرأس، وطلوع الشمس على قوم وغيبتها عن آخرين حقّ لولا ما ذكرناه من عقيدته، ويشهد عليه جبل «لوكالوك» ووقوع شعاع الشمس عليه من جانبه الإنسيّ الذي سمّاه شمالا والوحشيّ جنوبا، وليس خفاء الشمس بالليل للبعد وإنّما هو بساتر هو الأرض عندنا وجبل ميرو عنده ولكنّه تصوّر المدار حول الجبل ونحن منه في جانب فاختلف الأبعاد منّا إليه. وما بعد ذلك من الكلام يشهد أنّه في الأصل هكذا وخفاؤها بالليل ليس لبعدها، فأمّا الأعداد التي ذكرت فأظنّها فاسدة متغيّرة وليس لنا معها عمل ولكنّه جعل مسير الشمس في الشمال ثلاثة أضعاف مسيرة في الجنوب وصيّر ذلك علّة طول النهار وقصره ومجموع النهار وليله أبدا على حاله وهما في الشمال والجنوب يتكافئان، فيجب أن يكون ما ذكر مقولا على العرض الذي نهاره الصيفيّ خمسة وأربعون كهريا والشتويّ خمسة عشر، ومع ذلك فإسراع الشمس في الشمال محتاج إلى إيراد علّة له فإنّ أوضاعه تضيق المدارات الشماليّة لاقترابها من القطب وتوسّع الجنوبيّة لاقترابها من الذيل، وإذا أسرعت الشمس في المسافة الصغرى قصر زمانها عن زمان المسافة الكبرى وقد أبطأت فيها أيضا والأمر بالعكس، ثمّ قوله: إنّها إذا دارت على «بشكرديب» «1» عبارة عن مدار المنقلب الشتويّ وقد صيّر النهار فيه