«ديت» و «دانب» ، ولم يذهبوا من هذا السفل إلّا إلى الرتبة، وإلّا فحال الأرض من جميع جهاتها واحدة وكلّ من عليها فمنتصبون نحو العلو، والأشياء الثقيلة تقع إليها طبعا كما في طبعها إمساك الأشياء وحفظها وفي طبع الماء السيلان وفي طبع النار الإحراق وفي طبع الريح التحريك، فإنّ رام شيء عن الأرض سفولا فليسفل فلا سفل غيرها، والبذور تنزل إليها حيث ما رمي بها ولا تصعد عنها؛ وقال «براهمهر» : إنّ الجبال والبحار والأنهار والأشجار والمدن والناس والملائكة كلّها حول كرة الأرض، ولا يمكن أن يقال في تقابل «زمكوت» و «الروم» إنّه.

تسافل إذ لا سفل، وكيف يقال في أحدها إنّه أسفل وحاله كحال الآخر، فليس أحدها بالسقوط أولى بل كلّ واحد في ذاته وعند نفسه قائل أنا العالي والباقون أسفل، وجميعهم حول الكرة على مثال خروج الأنوار على أغصان الشجرة المسمّاة «كذنب» فإنّها تحتفّ عليه، وكلّ واحد في موضعه على مثال الآخر لا يتدلّى أحدها ولا ينتصب غيره، فالأرض تمسك ما عليها لأنّها من جميع الجهات سفل والسماء في كلّ الجهات علو، فكلام القوم في هذا الباب كما ترى صادر عن معرفة بالقوانين الصحيحة وإن داهنوا اصحاب الأخبار والنواميس، فإنّ «بلبهدر» المفسّر يقول: إنّ أصحّ الأقاويل على كثرتها واختلافها هو أنّ الأرض و «ميرو» وفلك البروج مدوّرات، ويقول «آبت بران كار» أي الصادقون الذين يتبعون البران: إنّ الأرض مثل ظهر السلحفاة لا تدوير لها من تحت، قال: وقد صدقوا، فإنّ الأرض في وسط الماء، والذي يظهر منه هو على صورة ظهر السلحفاة، والبحر الذي يحيط بها غير مسلوك، فأمّا تدوير فلك البروج فمشاهد بالعيان؛ فانظر كيف صدّقهم في تدوير الظهر وتغافل عن نفيهم التدوير عن البطن وتشاغل بحديث لا يتّصل بذلك، فقال: إنّ بصر الإنسان لا يبلغ من الأرض وتدويرها خمسة آلاف «1» «جوزن» إلّا إلى جزء من ستّة وتسعين جزء مّنه ذلك اثنان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015