يسمع من كلام فرعون: «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى»
«1» ، «ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي»
«2» ؛ وتطاول العصبيّة ربّما نميل به عن الطريقة المثلى للحميّة، والله يثبت قدم من يقصده ويقصد الحقّ فيه؛ وأمّا الهند فإنّ كتبهم الملّيّة والبرانات الخبريّة تنطق كلّها في هيئة العالم بما ينافي الحقّ الواضح عند منجّميهم إلّا أنّ القوم بها مضطرّون في إقامة السنن وحمل السواد الأعظم عليها إلى الحسابات النجوميّة والتحذيرات الأحكاميّة، فيظهرون الميل إليهم والقول بفضلهم والتيمّن بلقياهم والقطع عليهم أنّهم من أصحاب الجنّة لا يدخل جهنّم منهم أحد ومنجّموهم يكافونهم بالتصديق والمطابقة على ما هم عليه وإن خالف أكثره الحقّ ويقومون لهم بما يحتاج إليه منهم ولهذا امتزج الرأيان على الأيّام فاضطرب الكلام الحاصل عند المنجّمين وخاصّة عند من يقلّد ويأخذ الأصول بالأخبار ولا يذهب فيها مذهب التحقيق وهو أكثرهم، فلنحك الآن ما هم عليه ونقول: إنّ السماء والعالم عندهم مستديران والأرض كريّة الشكل، نصفها الشماليّ يبس ونصفها الجنوبيّ مغمور بالماء ومقدارها عندهم اعظم ممّا هو عند اليونانيّين، وممّا وجده المحدثون ويجدونه قد انحرفوا فيها عن ذكر البحار والديبات والجوزن الكثيرة المقدّرة لها واتّبعوا اصحاب الملّة فيما ليس بقادح في الصناعة من كون جبل «ميرو» تحت القطب الشماليّ وجزيرة «بروامخ» تحت القطب الجنوبيّ، أمّا الجبل فسواء كان هناك أو لم يكن اذ المحتاج إليه منه هو خواصّ الدوران الرحاويّ وهي بسبب المسامتة موجودة للموضع من بسيط الأرض ولما هو على سمته في الهواء، وأمّا الجزيرة الجنوبيّة فكذلك خبر غير ضارّ، على أنّه ممكن بل كالواجب تقاطر ربعين من أرباع الأرض يابسين وتقاطر الآخرين في الماء مغمورين، فيرون الأرض في الوسط والأثقال مرجحنّة نحوها فلا محالة أنّهم يرون السماء لذلك كريّة