تصوّر في المعمورة أنّها في نصف الأرض الشماليّ ومن هذا النصف في نصف فالمعمورة إذن في ربع من أرباع الأرض، ويطيف به بحر يسمّى في جهتي المغرب والمشرق «محيطا» ويسمّي اليونانيّون ما يلي المغرب منه وهو ناحيتهم «أوقيانوس» وهو قاطع بين هذه المعمورة وبين ما يمكن أن يكون وراء هذا البحر في الجهتين من برّ أو عمارة في جزيرة إذ ليس بمسلوك من ظلام الهواء ومن غلظ الماء ومن اضطراب الطرق وعظم الغرر مع عدم العائدة ولذلك عمل الأوائل فيه وفي سواحله علامات تمنع عن سلوكه، وأمّا من جهة الشمال فالعمارة تنقطع بالبرد دونه إلّا في مواضع يدخل إليها منه ألسنة وأغباب، وأمّا من جهة الجنوب فإنّ العمارة تنتهي إلى ساحل البحر المتّصل بالمحيط في الجانبين، وهو مسلوك والعمارة غير منقطعة عنده وإنّما هو مملوّ من الجزائر العظام والصغار، وهذا البحر مع البرّ يتنازعان الوضع حتى يلج أحدهما في الآخر، أمّا البرّ فإنّه يدخل البحر في النصف المغربيّ ويبعد ساحله في الجنوب، فيكون في تلك البراريّ «سودان» المغرب الذين يجلب الخدم من عندهم و «جبال القمر» التي منها منابع نهر النيل، وعلى الساحل والجزائر أجناس الزنج، ويدخل في هذا النصف المغربيّ من البحر خلجان في البرّ كخليج «بربرا» وخليج «قلزم» وخليج «فارس» ويدخل أرض الغرب فيه فيما بين هذه الخلجان دخولامّا، وأمّا في النصف