إنّ اللسان مترجم للسامع عمّا يريده القائل فلذلك قصر على راهن الزمان الشبيه بالآن، وأنّى كان يتيسّر نقل الخبر من ماضي الزمان إلى مستأنفه على الألسنة وخاصة عند تطاول الأزمنة لولا ما انتجته قوّة النطق في الانسان من إبداع الخطّ الذي يسرى في الأمكنة سرى الرياح ومن الأزمنة إلى الأزمنة سريان الأرواح؟
فسبحان متقن الخلق ومصلح امور الخلق؛ وليس للهند عادة بالكتبة على الجلود كاليونانيّين في القديم فقد قال سقراط حين سئل عن تركه تصنيف الكتب: لست بناقل للعلم من قلوب البشر الحيّة إلى جلود الضأن الميّتة، وكذلك كانوا في أوائل الاسلام يكتبون على الأدم كعهد الخيبريّين من اليهود وككتاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم إلى كسرى وكما كتبت مصاحف القرآن في جلود الظباء والتوراة تكتب فيها أيضا، فقوله تعالى «يجعلونه قراطيس» «1» أي طوامير فانّ القرطاس معمول بمصر من لبّ «البردي» يبرى «2» في لحمه، وعيه صدرت كتب الخلفاء إلى قريب من زماننا إذ ليس ينقاد لحكّ شيء منه وتغييره بل يفسد به، والكواغذ لأهل الصين وإنّما أحدث صنعتها بسمرقند سبي منهم ثمّ عمل منه في بلاد شتّى فكان سدادا من عوز؛ فالهند أمّا في