سابعًا: تكرار وترديد الآية أو الآيات التي حدث معها تجاوب وتأثر قلبي حتى يتسنى للقلب الاستزادة من النور الذي يدخل، والإيمان الذي ينشأ في هذه اللحظات، ويستمر ترديد وتكرار تلك الآية أو الآيات حتى يتوقف التأثر والانفعال، فكما قيل: الآية مثل التمرة كلما مضغتها، استخرجت حلاوتها.
ولا بأس من وجود تفسير مختصر بجوارنا لجلاء شبهة أو معرفة معنى دق علينا فهمه، وإن كان من الأفضل الرجوع إليه بعد انتهاء القراءة حتى لا نخرج من جو القرآن والانفعالات الوجدانية التي نعيش في رحابها إلا إذا ألحت علينا كلمة نريد معرفة معناها في الحال.
فإن داومنا على هذه الوسائل - أخي القارئ - وثابرنا عليها وسرنا بها جنبا إلى جنب مع المحورين السابقين (تقوية الرغبة والإلحاح على الله)، فلنبشر جميعًا بقرب شروق شمس القرآن على قلوبنا لتبدأ معها حياة جديدة تكسوها السكينة والطمأنينة، وروح جديدة وثابة تواقة لفعل الخير، وأهم من هذا كله التجلبب بجلباب العبودية، والرضا بالله ربا، والاكتفاء به، والاستغناء عن الناس.
كل هذا، أخي الحبيب، وغيره من الثمار العظيمة ينتظرنا جميعًا إن نحن أحسَنَّا الإقبال على القرآن وداومنا على ذلك.
فكلما أعطينا للقرآن حقه أعطانا من خيره وكنوزه التي لا نهاية لها، فلو كان البحر مدادًا والأشجار أقلامًا، تكتب ما يحمله كلام الله من معانٍ هادية، لنفد البحر قبل أن تنفد أسرار ومعاني هذا الكلام.
وأعلم -أخي- بأننا إذا أحسنَّا الإقبال على القرآن، وأكثرنا من تلاوته بالليل والنهار، فسنجد - بعون الله - لذة المناجاة، وسنأنس بكلام الله أكثر من أُنسنا بأي شيء آخر، وستأتينا الفتوحات من حيث لا نحتسب.
* * *