يقول أبو الحسن الندوي: لقد كانت قراءة محمد إقبال للقرآن قراءة تختلف عن قراءة الناس، ولهذه القراءة الخاصة فضل كبير في تذوقه للقرآن، واستطعامه إياه.
وقد حكى قصته لقراءة القرآن. قال: «قد كنت تعمدت أن أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح كل يوم، وكان أبي يراني، فيسألني: ماذا أصنع؟ فأجيبه: أقرأ القرآن، وظل على ذلك ثلاث سنوات متتاليات يسألني سؤاله، فأجيبه جوابي، وذات يوم قلت له: ما بالك يا أبي! تسألني نفس السؤال وأجيبك جوابًا واحدًا، ثم لا يمنعك ذلك عن إعادة السؤال من غدٍ؟ فقال: إنما أردت أن أقول لك: يا ولدي؛ اقرأ القرآن كأنما نُزَّل عليك. ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأقبل عليه، فكان من أنواره ما اقتبست، ومن درره ما نظمت» (?).
حسن البنا:
من وصايا الإمام حسن البنا في كيفية الانتفاع بالقرآن:
«واجتهد أن تقرأ في الصلاة وغيرها على مُكث وتمهُّل، وخشوع وتذلل، وأن تقف على رؤوس الآيات، وتعطي التلاوة حقها من التجويد والنغمات، من غير تكلف ولا تطريب، أو اشتغال بالألفاظ عن المعاني، مع رفع الصوت المعتدل في التلاوة العادية أو الصلاة الجهرية، فإن ذلك يُعين على الفهم، ويثير ما غاص من شآبيب الدمع، وما نفع القلب شيء أفضل من تلاوة في تدبر وخشوع» (?).
وكان يُصدِّر مقاله الأسبوعي التفسيري بجريدة الإخوان الأسبوعية بعبارة موضوعة في برواز يقول فيها:
«بين القرآن وبين القلوب المؤمنة صلة قوية، يفتح أمامها خزائن أسراره، فرجاؤنا للقارئ الكريم أن يتلو الآيات مرارا، مستحضرًا قلبه، محاولاً الوصول إلى معناها قبل قراءة التفسير، ثم يقرؤه بعد ذلك، فسيعرف بذلك كيف يتفهم كتاب الله من غير واسطة» (?).
سيد قطب:
أما سيد قطب -رحمه الله- فقد تحدث كثيرًا عن القرآن وكيفية الانتفاع به، فمن أقواله:
إن هذا القرآن ينبغي أن يقرأ، وأن يُتلقى من أجيال الأمة المسلمة بوعي، وينبغي أن يُتدبر على أنه توجيهات حية، تتنزل اليوم، لتعالج مسائل اليوم، ولتنير الطريق إلى المستقبل. لا على أنه مجرد كلام جميل يرتل، أو أنه سجل لحقيقة مضت ولن تعود.
ولن ننتفع بهذا القرآن حتى نقرأه لنلتمس عنده توجيهات حياتنا الواقعة في يومنا وفي غدنا، كما كانت الجماعة المسلمة الأولى تتلقاه لتلتمس عنده التوجيه الحاضر في شؤون حياتها الواقعة ..
وحين نقرأ القرآن بهذا الوعي سنجد عنده ما نريد. وسنجد فيه عجائب لا تخطر على البال الساهي! سنجد كلماته وعباراته وتوجيهاته حية تنبض وتتحرك وتشير إلى معالم الطريق .. وتقول لنا حديثا طويلاً مفصلاً دقيقًا في كل ما يعرض لنا من الشؤون .. وسنجد عندئذ في القرآن متاعًا وحياة، وسندرك معنى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] (?).
أبو الحسن الندوي:
ويتحدث الندوي عن تجربته مع القرآن فيقول: إن للمؤلف تجربة عملية، واقتراحًا مخلصًا، في صدد الصلة الشخصية المباشرة بالقرآن الكريم، والعلاقة القوية معه، وتذوقه والتجاوب معه، والاستفادة منه أكثر وأكثر، والتقرب به إلى الله، والرقي عن طريقه في مدارج التوفيق.