4- الاستدارك والتذييل:

ولا يعدو الأمر مهمًا أجهد المحقق نفسه وفكره في إخراج الكتاب، أن تفوته بعض التحقيقات أو التوضيحات، أو يزل فكره أو قلمه زلة تقتضي المعالجة. ففي باب الاستدراك والتذليل الذي يلحق غالبا بنهاية الكتاب، مجال واسع لتدارك ما فات محقق الكتاب أو شارحه، أو مازل فيه فكرة أو قلمه، وبعض الناشرين لا يحل هذا الأمر محله من العناية، ليسدل ثوب الجلال على كتابه، فيزعم لنفسه بتركه هذا الاستدراك أن كتابه قد سلم من الخطأ فكان بذلك كالنعامة، إذ تخفي رأسها زاعمة أن أحدا لن يراها لأنها لا تراه!

إن الخطأ في معالجة النصوص أمر مشترك بين العلماء جميعا، لا إثم ولا حوب ولكن كتما الخطأ فيه الإثم، والتقصير في أداء الأمانة. ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل!

وأما بعد، فهذا ما أدته إلى الدراسة الباحثة، وهدتني إليه تجارب الأعوام الطوال, ولعل في هذا ما يمنحني العذر في أن أسوق الحديث أحيانا عن عملي وعن تجربتي، في زمان أربي على الثلاثين عاما1. والحديث عن النفس مملول مطرح، ولكنه إذا أريد به في الأول والآخر خدمة العلم ورعاية الفن، فارقته مسحة الإملال، وأوشك أن يكون سائغا مقبولا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015