عرفت إذن أن التحقيق أمر جليل، وأنه يحتاج من الجهد والعناية إلى أكثر مما يحتاج إليه التأليف. وقديما قال الجاحظ1: "ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ وشريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام".
هناك مقدمات رئيسية لإقامة النص، فمنها:
1- التمرس بقراءة النسخة، فإن القراءة الخاطئة لا تنتج إلا خطأ. وبعض الكتابات يحتاج إلى مراس طويل وخبرة خاصة، ولا سيما تلك المخطوطات التي لا يطرد فيها النقص والإعجام، وكذلك تلك المخطوطات التي كتبت بقلم أندلسي أو مغربي، ولهذا الخط صورة الخاصة ونقطه الخاص، بل رسمه الخاص. قال الشيخ نصر الهوريني2: "وكذلك أهل الأندلس يكتبون في غير المصحف