كان ينسخ كتب التفسير والكلام، مع أنه كان من النصارى اليعقوبية. وهذا أمر عجب. ويذكر أنه لقيه وعاتبه على كثرة نسخه، فقال له: من أي شيء تعجب في هذا الوقت من صبري. قد نسخت بخطي نسختين من التفسير للطبري، وحملتها إلى ملوك الأطراف؛ وقد كتبت من كتب المتكلمين ما لا يحصى، ولعهدي بنفسي وأنا أكتب في اليوم والليلة مائة ورقة وأقل.
وهذا النص وسابقه يبين لنا قوة المرانة التي كانت لهؤلاء الوراقين في سرعة الخط.
وممن عرف بسرعة الخط هشام بن يوسف الراوي القاضي، قال عن نفسه: قدم سفيان الثوري اليمن فقالوا: اطلبوا كاتبا سريع الخط. فارتادوني فكنت أكتب1.
ومنهم أبو علي الحسن بن شهاب العكبري. قال
السمعاني2:
كان حسن الخط يكتب بالورقة، وكان سريع القلم صحيح النقل وكان يقول: كتبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضية.
وقد عثرت في تاريخ بغداد للخطيب3 في ترجمة الفراء علىنص يلقي ضوءا على الأجور التي كان الوراقون يتقاضونها في عهد الدولة العباسية. وذلك عند الكلام على كتاب "المعاني للفراء": أنه لما فرغ من كتاب المعاني "خزنه الوراقون عن الناس ليكسبوا به، وقالوا: لا تخرجه إلا لمن أراد أن ننسخه له على خمس أوراق بدرهم. فشكا الناس إلى الفراء، فدعا الوراقين فقال لهم في