ولم تزل جمهرة التابعين متورعة عن التدوين والتصنيف في الحديث، حتى تقلص ظل الدولة.
وكانت تظهر جهود أخرى في التأليف المبكر، تتمثل فيما ترجم لخالد بن يزيد بن معاوية من علوم اليونان، وما ألف هو من كتب في الطب والكيمياء، وما ألفه عبيد بن شرية لمعاوية من أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها. وقد طبع هذا الكتاب في حيدر أباد سنة 1347 من رواية يظهر أنها لابن هشام. وما ألفه وهب بن منبه المتوفي سنة 110 من كتاب التيجان في ملوك حمير.
وقد طبع هذا الكتاب من رواية ابن هشام سنة 1347 من سابقه.
كما أدت إلينا الأخبار أن زياد بن أبيه وضع لابنه كتابا في مثالب العرب, وأن يونس بن سليمان وضع كتابا في الأغاني ونسبتها إلى المغنين، وأن ماسرجوية الطبيب، ترجم كتاب أهرب بن أعين من السريانية إلى العربية.
ويذكر ابن النديم1 أن كتابا كان موصوفا بحسن الخط، واسمه خالد ابن أبي الهياج، وكان سعد قد نصبه لكتابة المصاحف، كان يكتب الشعر والأخبار للوليد بن عبد الملك.
ثم تنهض الدولة العباسية وينهض معها التدوين، ويتحرر المحدثون من هذا الترمت، وتوضع مسانيد الحديث وكتبه في كل صقع: يؤلف سفيان بن عيينة ومالك بن أنس في المدينة، وعبد الله بن وهب بمصر، ومعمر وعبد الرزاق باليمن، وسفيان الثوري ومحمد بن فضيل بن غزوان بالكوفة، وحماد بن سلمة وروح بن عبادة بالبصرة، وهشيم بواسط، وعبد الله بن المبارك بخراسان، وتظهر الكتب في شتى الفنون الدينية مختفظة بالطابع الذي غلب على المحدثين، وهو إسناد الرواية إلى مؤلف الكتاب، وتسرى بين المؤلفين قواعد يلتزمونها في السماع والرواية، والقراءة على الشيخ والإجادة، والمكاتبة