المبحث الثاني

سجود الشكر

ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر إلى أنه يستحب سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم1 لما روى أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله" 2 فإن حصل سببه في وقت نهي جاز السجود عند الشافعي3، وأحمد في رواية اختارها أبو الخطاب4.

والحجة لهم في ذلك: أن سجود الشكر صلاة ذات سبب فلا يشمله النهي كسائر ذوات الأسباب.

والصحيح من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب أنه لا يجوز في أوقات النهي فعل كثير من ذوات الأسباب كتحية المسجد وصلاة الكسوف وسجود التلاوة وقضاء السنن الرواتب5 وسجود الشكر ليس آكد منها فيشمله الحكم.

وأما الإمامان أبو حنيفة ومالك فإنهما لا يريان استحباب سجود الشكر أصلا6.

كما أنهما لا يريان جواز فعل كثير من ذوات الأسباب في أوقات النهي.

والذي أراه في المسألة هو عدم جواز سجود الشكر في أوقات النهي، لعموم النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، ولأنه لم يرد الأمر بفعله كما ورد في تحية المسجد فيخصص به عموم النهي، وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله يحتمل أنه كان في غير أوقات النهي والله أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015