الكثير بالطاهرات كالأشنان والصابون والسدر والخَطْمِي (?) والتراب والعجين وغير ذلك مما قد يغير الماء، مثل الإناء إذا كان فيه أثر سدر أو خَطْمِي ووضع فيه ماء فتغير به مع بقاء اسم الماء، فهذا فيه قولان معروفان للعلماء:

أحدهما أنه لا يجوز التطهير به كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه التي اختارها الخرقي والقاضي وأكثر متأخري أصحابه لأن هذا ليس بماء مطلق فلا يدخل في قوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) ثم إن أصحاب هذا القول استثنوا من هذا أنواعا بعضها متفق عليه بينهم وبعضها مختلف فيه فما كان من التغير حاصلا بأصل الخلقة أو بما يشق صون الماء عنه فهو طهور باتفاقهم وما تغير بالأدهان والكافور ونحو ذلك ففيه قولان معروفان في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما وما كان تغيره يسيرا فهل يعفي عنه أو لا يعفي عنه أو يفرق بين الرائحة وغيرها على ثلاثة أوجه إلى غير ذلك من المسائل.

والقول الثاني: أنه لا فرق بين المتغير بأصل الخلقة وغيره ولا بما يشق الاحتراز عنه ولا بما لا يشق الاحتراز عنه فما دام يسمى ماء ولم يغلب عليه أجزاء غيره كان طهورا كما هو مذهب أبى حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى عنه وهى التي نص عليها في أكثر أجوبته وهذا القول هو الصواب؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) وقوله: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) نكرة في سياق النفي فيعم كل ما هو ماء لا فرق في ذلك بين نوع ونوع فإن قيل إن المتغير لا يدخل في اسم الماء قيل تناول الاسم لمسماه لا فرق فيه بين التغير الأصلي والطارئ ولا بين التغير الذي يمكن الاحتراز منه والذي لا يمكن الاحتراز منه فإن الفرق بين هذا وهذا إنما هو من جهة القياس لحاجة الناس إلى استعمال هذا المتغير دون هذا فأما من جهة اللغة وعموم الاسم وخصوصه فلا فرق بين هذا وهذا ولهذا لو وكله في شراء ماء أو حلف لا يشرب ماء أو غير ذلك لم يفرق بين هذا وهذا بل إن دخل هذا دخل هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015