قال تقي الدين في "مجموع الفتاوي" (21/ 101): (الجلد جزء من الميتة فيه الدم كما في سائر أجزائها والنبي صلى الله عليه وسلم جعل دباغه ذكاته؛ لأن الدباغ ينشف رطوباته؛ فدل على أن سبب التنجيس هو الرطوبات والعظم ليس فيه رطوبة سائلة وما كان فيه منها فإنه يجف وييبس وهو يبقى ويحفظ أكثر من الجلد فهو أولى بالطهارة من الجلد).

إذن الراجح أن عظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها وعَصَبها طاهر.

مسألة - جلد الميتة نجس لا يطهر بالدباغ.

هذا هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب، ومن الأدلة عليه ما رواه أبو داود وغيره عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ، قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ: «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ» صححه الشيخ الألباني.

وهو معارض بما رواه الشيخان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: مَاتَتْ شَاةٌ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟» فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: «إِنَّ دِبَاغَ الْأَدِيمِ طُهُورُهُ» واللفظ لأبي داود.

وقد اختلف العلماء في الجمع بين الحديثين والأقوى أنه لا تعارض بينهما فإنما نهي النبي عن الإهاب وهو اسم للجلد قبل الدباغ وقرينة ذلك ذكر العصب معه وهو لا يدبغ، وأرشدهم لدبغه ليحل الانتفاع به، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: يُسَمَّى إِهَابًا مَا لَمْ يُدْبَغْ، فَإِذَا دُبِغَ لَا يُقَالُ لَه: إِهَابٌ، إِنَّمَا يُسَمَّى شَنًّا وَقِرْبَةً ".

مسألة - الشعر والصوف والريش طاهر إذا كان من ميتة طاهرة في الحياة ولو كانت غير مأكولة كالهر والفأر.

قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى" (21/ 98): (الشعر حياته من جنس حياة النبات؛ لا من جنس حياة الحيوان؛ فإنه ينمو ويغتذي ويطول كالزرع وليس فيه حس ولا يتحرك بإرادته فلا تحله الحياة الحيوانية حتى يموت بمفارقتها فلا وجه لتنجيسه ... ).

قال الشيخ الحمد في "شرح الزاد": (ومما استدل به أهل العلم على أن هذه الأشياء ـ أي الصوف ـ أنها طاهرة وليست بنجسه، قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015