التَّاسِع أَن النَّهْي عَن الشَّيْء يدل على تعلق الْمفْسدَة بِهِ كَمَا تقدم غير مرّة وَفِي الْقَضَاء بالإفساد للمنهي عَنهُ وَعدم تَرْتِيب آثاره عَلَيْهِ إعدام لتِلْك الْمفْسدَة بِالْكُلِّيَّةِ بأبلغ الطّرق بِخِلَاف مَا إِذا قيل بِالصِّحَّةِ أَو بترتب أَثَره عَلَيْهِ فَإِن فِي ذَلِك تبقية لآثار الْمفْسدَة فَكَانَ الأول أولى أَو هُوَ الْمُتَعَيّن

الْعَاشِر مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الإِمَام الشَّافِعِي فِي كَلَامه الْمُتَقَدّم وَذكره أصرح من ذَلِك فِي مَوضِع آخر وَهُوَ أَن الْعُقُود إِنَّمَا تفِيد إِذا جرت على وفْق الشَّرْع لما تمهد فِيهَا من الشُّرُوط وقيدت بِهِ من الْقُيُود وَمنع الْخلق من كثير مِمَّا كَانُوا يتعاطونه فِيهَا ويرضون بِهِ قبل الشَّرْع فَأَشْبَهت الْعِبَادَات حِينَئِذٍ

وَتوقف الحكم بترتب آثارها عَلَيْهَا حَتَّى ترد على وفْق الْمَشْرُوع وَإِذا لم يكن كَذَلِك بقيت الْأَمْوَال والأبضاع على أَصْلهَا من التَّحْرِيم وَلَا تنْتَقل إِلَّا إِذا وَقعت على الْوَجْه الْمَشْرُوع فَمَا لم تكن كَذَلِك يحكم بفسادهما استنادا إِلَى أصل التَّحْرِيم وَهَذَا حسن بَالغ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

الطّرف الثَّانِي فِي أَن دلَالَة النَّهْي على الْفساد حَيْثُ حكمنَا بِهِ لَيْسَ ذَلِك من جَوْهَر اللَّفْظ وموضوع اللُّغَة بل متلقى من الشَّرْع

وَجَمِيع الْأَدِلَّة الَّتِي قدمناها إِنَّمَا تَقْتَضِي كَون ذَلِك مأخوذا من جِهَة الشَّرْع وَقد تقدم أَن جمَاعَة من الْأَئِمَّة ذَهَبُوا إِلَى أَن ذَلِك مُسْتَفَاد من مَوْضُوع النَّهْي اللّغَوِيّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015