مفْسدَة مَا وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ إِفَادَة الحكم كغالب التكاليف الْمُشْتَملَة على إتعاب الْبدن وإنفاق المَال وَنَحْو ذَلِك
وَجَوَاب هَذَا أَن هَذِه الْمَفَاسِد منغمرة فِي جنب الْمصَالح الْحَاصِلَة من تِلْكَ الْأَفْعَال الراجحة على تِلْكَ الْمَفَاسِد وَنحن لم نشترط فِي الْفِعْل خلو عَن الْمفْسدَة من كل وَجه بل عَن الْمفْسدَة الْخَالِصَة أَو الراجحة فَأَما المرجوحة فَلَا اعْتِبَار بهَا وَلَا نقض حِينَئِذٍ وَإِن صَاحب الْحَاصِل بِكَلَامِهِ الْمُتَقَدّم النَّقْض بالمنهي عَنهُ لغيره كَالصَّلَاةِ فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة فقد تقدم الْجَواب عَنهُ وَأَنه غير مَحل النزاع وَسَيَأْتِي تَقْرِير ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَبَيَان الْفرق بَينه وَبَين مَا نَحن فِيهِ
الْوَجْه الثَّالِث من الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة أَن فعل الْمنْهِي عَنهُ مَعْصِيّة إِذْ الْكَلَام فِي النَّهْي الَّذِي للتَّحْرِيم وَحُصُول الثَّوَاب على الْعِبَادَة والإعتداد بهَا مقربة إِلَى الله تَعَالَى وَحُصُول الْملك فِي الْعُقُود وَصِحَّة التَّصَرُّف كلهَا نعم وَالْمَعْصِيَة تناسب الْمَنْع من النِّعْمَة وَقد اقْترن الحكم بِالْفَسَادِ بصور كَثِيرَة جدا من المناهي والمناسبة مَعَ الإقتران دَلِيل بِاتِّفَاق القائسين فَفِي تَعْمِيم القَوْل بِأَن النَّهْي للْفَسَاد فِي كل مَنْهِيّ عَنهُ لعَينه أَو لوصفه اللَّازِم إِعْمَال للأدلة الْمُنَاسبَة مَعَ الإقتران وَفِي ترك القَوْل بذلك إبِْطَال لَهما فَكَانَ القَوْل بذلك وَاجِبا
الرَّابِع أَن الْمنْهِي عَنهُ قَبِيح ومحرم إِذْ الْكَلَام فِيهِ وَالْمحرم لَا يكون مَشْرُوعا وَمَا لَا يكون مَشْرُوعا لَا يكون صَحِيحا لِأَن كل صَحِيح مَشْرُوع فالمنهى عَنهُ لَا يكون صَحِيحا فَإِذا النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد
وَاعْترض الإِمَام الْغَزالِيّ على هَذَا الْوَجْه بِأَنَّهُ إِن عنيتم بالمشروع كَونه مَأْمُورا أَو مَنْدُوبًا أَو مُبَاحا فَذَلِك محَال ولسنا نقُول بِهِ وان عنيتم كَونه عَلامَة للْملك