بَيَان فَسَاد هَذَا الِاصْطِلَاح وَذَلِكَ من جِهَة النَّقْل فان مُقْتَضى هَذِه التَّفْرِقَة أَن يكون الْفَاسِد هُوَ الْمَوْجُود على نوع من الْخلَل وَالْبَاطِل هُوَ الَّذِي لَا تثبت حَقِيقَته بِوَجْه وَقد قَالَ الله تَعَالَى {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} فَسمى السَّمَوَات وَالْأَرْض فَاسِدَة عِنْد تَقْدِير الشَّرِيك ووجوده وَدَلِيل التمانع يَقْتَضِي أَن الْعَالم على تَقْدِير الشَّرِيك ووجوده يَسْتَحِيل وجوده لحُصُول التمانع لَا انه يكون مَوْجُودا على نوع من الْخلَل فقد سمى الله تَعَالَى الَّذِي لَا تثبت حَقِيقَته بِوَجْه فَاسِدا وَهُوَ خلاف مَا قَالُوهُ فِي الْفرق بَين الْبَاطِل وَالْفَاسِد وان كَانَ مأخذهم فِي التَّفْرِيق مُجَرّد الِاصْطِلَاح مطالبون بمستند شَرْعِي يَقْتَضِي اخْتِلَاف الحكم الْمُرَتّب عَلَيْهِمَا
فَعلم بِهَذَا أَن مُرَاد الْجُمْهُور بقَوْلهمْ النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد هُوَ الْبطلَان وَأما الْفساد على اصْطِلَاح الْحَنَفِيَّة فَلَا وان مُرَاد الْحَنَفِيَّة فِي أَن بعض أَنْوَاع النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد لَيْسَ هُوَ الْبطلَان كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه
وَأما الْمَالِكِيَّة فتوسطوا بَين الْقَوْلَيْنِ وَلم يفرقُوا بَين الْبَاطِل وَالْفَاسِد فِي التَّسْمِيَة وَلَكنهُمْ قَالُوا البيع الْفَاسِد يُفِيد شُبْهَة الْملك فِيمَا يقبل الْملك فَإِذا لحقه أحد أَرْبَعَة أَشْيَاء تقرر الْملك بِالْقيمَةِ وَهِي حِوَالَة الْأَسْوَاق وَتلف الْعين ونقصانها وَتعلق حق الْغَيْر بهَا على تَفْصِيل لَهُم وفروع هِيَ مبسوطة فِي كتبهمْ وَالله أعلم