فمجرد النَّهْي عَنهُ لَا يدل على الْفساد بل على الصِّحَّة كَمَا تقدم فَإِذا نذر الرجل صَوْم يَوْم النَّحْر ينْعَقد نَذره عِنْدهم وَيجب عَلَيْهِ إِيقَاعه فِي غير يَوْم النَّحْر فَإِن أوقعه فِيهِ كَانَ محرما وَيَقَع عَن نَذره وَيصِح
وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي طواف الْحَائِض أَنه يحرم عَلَيْهَا الطّواف ويجزئها عَن طواف الْفَرْض حَتَّى يَقع التَّحَلُّل بِهِ وَإِذا بَاعَ درهما بِدِرْهَمَيْنِ بَطل العقد فِي الدِّرْهَم الزَّائِد وَصَحَّ فِي الْقدر الْمسَاوِي وَهَذَا معنى قَوْلهم صَحِيح بِأَصْلِهِ فَاسد بوصفه وَإِنَّمَا حكمُوا بِبُطْلَان صَلَاة الْمُحدث لقِيَام الدَّلِيل الدَّال على أَن الطَّهَارَة شَرط فِي صِحَة الصَّلَاة أما من الْإِجْمَاع أَو من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقبل الله صَلَاة أحدكُم إِذا أحدث حَتَّى يتَوَضَّأ وَنَحْوه وَلَهُم فِي ذَلِك مأخذان
أَحدهمَا قَالُوا أَن الْمنْهِي عَنهُ فِي يَوْم النَّحْر هُوَ إِيقَاع الصَّوْم فِيهِ لَا الصَّوْم الْوَاقِع وهما مفهومان متغايران فَلَا يلْزم من تَحْرِيم الْإِيقَاع تَحْرِيم كَمَا أَنه لم يلْزم من تَحْرِيم الْكَوْن فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة تَحْرِيم نفس الصَّلَاة لما كَانَ المفهومان متغايرين
الثَّانِي مَا تقدم أَن النَّهْي يسْتَلْزم تصور حَقِيقَته الشَّرْعِيَّة فَيَقْتَضِي ذَلِك الصِّحَّة والمنهي عَنهُ قَبِيح لذاته وَذَلِكَ قَائِم بِالْوَصْفِ لَا بِالْأَصْلِ فَيجب