وَأما قَوْله فِي صَلَاة الْمُحدث فضعيف أَيْضا لِأَن الصَّلَاة الْمَأْمُور بهَا هِيَ الصَّلَاة المستجمعة لشروطها وَصَلَاة الْمُحدث مَعَ الْقُدْرَة على الطَّهَارَة لَيست فَردا من الْأَفْرَاد الْمَأْمُور بهَا فَلم يجْتَمع الْوُجُوب وَالتَّحْرِيم مَعًا
وَأما الْوَجْه الثَّالِث فَالْجَوَاب عَنهُ ظَاهر لِأَن نِيَّة التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى إِنَّمَا تتَوَجَّه إِلَى كَونهَا صَلَاة لَا إِلَى كَونهَا غصبا وَنحن قد بَينا انفكاك أحد الْأَمريْنِ عَن الآخر وأنهما ليسَا متلازمتين بل بِاعْتِبَار الْجِهَتَيْنِ كَمَا سبق فَلَا تنَاقض حِينَئِذٍ وَهَذَا الْجَواب هُوَ الْمُعْتَمد وَقد أجَاب القَاضِي أَبُو بكر بن الباقلاني عَنهُ بِأَن الصَّلَاة تشْتَمل على جِنْسَيْنِ أَقْوَال كالقراءة والأذكار وأفعال كالقيام وَالرُّكُوع وَالسُّجُود والأقوال لَا غصب فِيهَا بِخِلَاف الْأَفْعَال فتتوجه النِّيَّة إِلَى مَا لَا غصب فِيهِ وَتَكون الْأَفْعَال كالأجزاء الَّتِي تعزب النِّيَّة فِيهَا عَن الْمُصَلِّي بعد مَا نوى أَولا
وَفِي هَذَا الْجَواب نظر وَالْحق أَن نِيَّة الصَّلَاة تَشْمَل كل مَا يَقع فِيهَا وَلَا اسْتِحَالَة فِي الْأَفْعَال لما بَينا من اعْتِبَار الْجِنْس
وَالْجَوَاب عَن الرَّابِع بِالْفرقِ بَين المقامين فَإِن صَوْم يَوْم النَّحْر غير منفك عَن الصَّوْم بِوَجْه لِأَنَّهُ خَاص وَالْخَاص لَا يَنْفَكّ عَن الْعَام فَلَا يتَحَقَّق فِيهِ جهتان كَمَا تحققنا فِي الصَّلَاة فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة لِأَن الْأَمر لكَونهَا صَلَاة وَالنَّهْي لكَونهَا غصبا
وَلَا يُقَال فَالْأَمْر بِصَوْم يَوْم النَّحْر لكَونه صوما مُطلقًا وَالنَّهْي لكَونه يَوْم النَّحْر لأَنا نقُول الْيَوْم الْمُتَعَلّق بِالصَّوْمِ غير مَنْهِيّ عَنهُ مُفردا وَالْغَصْب الْمُتَعَلّق بِالصَّلَاةِ مَنْهِيّ عَنهُ مُجَردا عَنْهَا وَمن أورد ذَلِك الْوَجْه