قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَأَبُو هَاشم لَا نسلم ذَلِك وَلَا أَمْثَاله وَلَيْسَ هُوَ مِمَّن تروعه التهاويل يَعْنِي فيلتزم الْبطلَان فِي هَذِه الصُّور وَنَحْوهَا وَاعْترض غَيره بِأَنَّهُ لم يعْص هُنَا بترك الصَّلَاة بل بترك قَضَاء الدّين ورد الْوَدِيعَة وَكَذَلِكَ لم يعْص بِعقد البيع بل بِتَأْخِير الصَّلَاة عَن وَقتهَا
وَأجِيب عَن ذَلِك بِأَن كَونه فِي الصَّلَاة ترك لاشتغاله بِقَضَاء الدّين كَمَا أَن كَونه فِيهَا لبث فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة وَلَا فرق فالنقص لَازم لَهُ بِغَيْر إِشْكَال
وَأما مَا ذكره إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن هَذِه الصُّور كلهَا إجماعية قَطْعِيَّة لم يقل أحد بِبُطْلَان الصَّلَاة فِيهَا وَلَا يسع أَبَا هَاشم وَلَا غَيره الْتِزَام ذَلِك لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إبِْطَال أَكثر أَعمال الْخلق من صَلَاة وَصَوْم وَحج وَبيع وَشِرَاء وإعتاق إِلَى غير ذَلِك من التَّصَرُّفَات الَّتِي هِيَ من ضرورات الْخلق وعَلى الْوَاحِد مِنْهُم حُقُوق يجب عَلَيْهِ التنصل مِنْهَا أما بِالرَّدِّ أَو بالاستحلال فَيكون اشْتِغَاله عَن ذَلِك بِمَا ذكر قَاطعا عَن الْخُرُوج من حق الْغَيْر وَهَذَا مَعْلُوم بُطْلَانه أَعنِي القَوْل بِفساد هَذِه التَّصَرُّفَات فِي هَذِه الْحَالة
وَاحْتج الْقَائِلُونَ بِفساد الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة بأوجه أَحدهَا أَن مُتَعَلق الْأَمر إِمَّا أَن يكون عين مُتَعَلق النَّهْي أَو غَيره فَإِن كَانَ الأول كَانَ الشَّيْء الْوَاحِد مَأْمُورا مَنْهِيّا مَعًا وَذَلِكَ عين تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق
وَإِن كَانَ الثَّانِي فالوجهان إِمَّا أَن يتلازما أَو لَا فَإِن لم يتلازما كَانَ الْأَمر وَالنَّهْي مُتَعَلقين بشيئين وَلَا نزاع فِي صِحَة ذَلِك لكنه لَيْسَ بِصُورَة الْمَسْأَلَة