المطلب الثالثُ: في مَكانته العلميَّة

تَسنَّم أَبو عبدِ الله الكِرمانيّ منْزلة علميّةً رفيعة، بزَّ بها أقرانَه، وفاقَ بها كثيرًا من علماء عصره، وقد هيَّأ لذلك ما تميَّز به من عُلوِّ الهمّةِ وسموِّ النّفسِ ويَكْفي شَاهِدًا عَلى رسوخِه في العلم وتمكنه منه ما نقله المترجمون أنَّه: "تصدَّى لنشرِ العلم بِبغدادَ ثلاثين سنة ... " (?)، وبغدادُ آنذاك تمثِّل إِحدى أكبر حواضر المسلمين العِلْميّة، إليها يفدُ طلّابُ العلمِ من كلِّ فج، وفي رحابها تعقدُ الحلقاتُ وتُدارُ المحاوراتُ والمُنَاظرات.

ولَم يكن شَيْخُنا فيها كغيرِه من شيوخ عَصرِه ممَّن كانت تَقُوم بهم الحَلقات، بل كان مشارًا إليه فِيها، معقودًا له بناصية العِلْم بين عُلَمائها.

يقول عنه الدَّاوديّ (?): "وكان مُشَارًا إليه بالعراق وتلك البلادِ في العِلْم"، ويقول أُخرى (?): "ومهر وفاقَ أقرانَه وفضل غالبَ زَمانه".

وقد تقدَّم -في مطلب تلاميذه- مِمَّا يوضِّحُ مكانتَه العِلْميّة أن العلَّامةَ السَّرائِيّ؛ وهو مَن هُو في العلم؛ وقد زاملَه في الأخذ عن الإيجيّ يَنْكسرُ للعلمِ فَيأخذ عن الشَّمسِ ويتتلمذُ عَلى يَديه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015