بالرَّفاهية ورغدِ العَيش، وتَتَفاوتُ الإقطاعات فيما بينهم بحسب مَنَازلهم قربًا وبعدًا من السُّلطان.
ب - طبقةٍ وسْطى: وتمثلُ أعيانَ البلدِ، وكبارَ العلماء، والجنودِ، والتُّجَّارِ، وموظّفي الدَّولة. وهؤلاء ينالون من الحظوة بقدر ما تُفيدُ منهم الطبقةُ المتقدِّمة؛ فمن رُضِي عنه أُجزلَ له العطاءُ وقُرِّب، ومَنْ سُخط عليه ضُيِّق عليه وأُبْعد. غيرَ أنَّهم -في الغالب الأَعَمِّ- يدورون في فلكِ الطائفةِ الأُولى طمعًا أَوْ خوفًا؛ سواءٌ كانوا من جِنْسهم، أَوْ من أهلِ البلادِ الأصْلِيِّين.
جـ - طبقةٍ دُنيا، وتُمثِّلُ السَّوادَ الأعظمَ من الرَّعيَّة. وغالبًا ما يكونون صُنَّاعًا، أَوْ زُرَّاعًا، أَوْ تُجَّارًا، أَوْ رُعاةً. وهؤلاءِ تتفاوتُ حياتُهم باختلافِ الحُكَّام وأَسَاليبهم في إِدارة البلادِ؛ فتارةً يَنْعمون بالأَمن، ويَأمنون عَلى أَنْفسِهم وأموالِهم، وتارةً أُخرى يَرْتكسُون في الخَوف، ويَتَعرَّضُون للقتلِ والسَّلبِ. عَلى أَن الحالةَ الثَّانية هي الغالبةُ عليهم، وهم إِنْ سَلِموا من القَتل والتَّهجير فَلن يَسْلَموا من المكُوس والمغَارم الَّتي تُفْرض عليهم.
ومع هذا التَّوزيع الطَّبقيِّ يبدو لنا ذَلك المجتمع ممتزجَ الأجناس، مُخْتلطَ الدِّماء، مختلفَ العَادات والأَعراف، متنوِّعَ المذاهب والأَديان، يموجُ بسائر الأَفْكار والمُعْتقدات.
وليسَ بغريبٍ في مِثل هذا المُجْتمع المفككِ أَنْ نجدَ من أطلقَ لنَزواتهِ وشهواتِه العنان، وتفنَّن في اقتناءِ الجواري الملاح والغِلمان الصِّباح، والمغنِّيات، والقَينات من كلِّ لون وجنس؛ لا يَرْدعه عمَّا صرف همّه إليه رَادع، ولا يَثْنيه