وإنْ كانَ يجري في بابِ الشّرط مجرى المضارِع في علم الإعرابِ فإن فيه نكتةً؛ كأنَّه قيل: ودُّوا قبلَ كلِّ شيء كفرَكُم وارتدادَكُم؛ يعني (?): أنهم يُريدونَ أن يلحِقوا بكم مضارَّ الدُّنيا والدِّين جميعًا؛ من قتلِ الأَنْفس، وتمزيق الأعراضِ، وردِّكم كفّارًا. وردُّكم كفّارًا أسبقُ المضارِّ عندهم، وأوَّلُها، لعلمهم: أن الدِّين أعزُّ عليكم من أرواحِكُم، لأنكم بذّالُون لها دونه. والعدوُّ أهمُّ (?) شيءٍ عنده أن يقصدَ أعزَّ شيءٍ عندَ صاحبه".
وقال في "الإيضاح": وفي كونِه من هذا البابِ "نظرٌ؛ لأن ودادَتَهم أن يرتدّوا كفّارًا حَاصِلةٌ وإن لم يظفروا بهم، فلا يكونُ في تقييدها بالشّرط فائدةٌ" (?).
و (إذا) له؛ أي: للاستقبالِ، مع الجزم والقطع بوقوع الشَّرط، ولو ادّعاء؛ أي: الجزم به إمَّا تحقيقًا؛ كما [إذا] (?) قلتَ: (إذا طَلعتِ الشّمسُ فإنّي أفعلُ كذا)، أو ادّعاءً؛ كما إذا قُلتَ: (إذا جاء محبِّي فإني أفعلُ كذا)، فإنَّ مجيءَ المحبِّ ليس قطعيًّا تحقيقيًا، بل ظنيًّا وادّعاءً؛ فإنَّ المحبّ لمن يهواه زوَّار. فيغلّب الماضي لفظًا لكونِ الماضى أقربُ إلى القطع من المستقبلِ -في الجملةِ- نظرًا إلى اللّفظِ.