كتابُ الفوائدِ الغياثيَّة مؤلفٌ بلاغيٌ ينتظمُ في سلكِ المدرسةِ السَّكاكيّة؛ الَّتي تعتمد على كثرة التّقسيمات، والتّفريعات، وإخراج المحترزات، والتّعويل على المنطق أكثر من الذّوق، وكنّا ننتظرُ أَنْ نقفَ على هويَّةِ الكتابِ أَوْ موضوعهِ أَوْ على أقلِّ تقدير الفنّ الَّذي يندرجُ تحته من العنوانِ الَّذي على غلافِه كما جَرت به عادةُ الكتبِ، حيثُ يصدق العنوانُ على مضمونِ الكتاب، ويشتمل على جميع جزئيَّاته ومباحثِه اشتمال الرَّحم على الجنين؛ من مثل: كتاب عبد القاهر الجرجانيَّ الَّذي وسمه بـ "دلائل الإعجاز" مُنْطلقًا في هذه التَّسمية من الغايةِ السَّامية الَّتي ألَّفَ من أجْلها كتابَه ولحظَها في جميع مباحثِه؛ وهي خدمة كتابِ الله العظيم؛ ببيان أسرار النَّظم وتفاوتِ أبعادِ الكلام جودةً ورداءةً.
وسلوكُ هذا الطريق -أَعْني صدقَ العنوان على المعنونِ له- منهجٌ قويمٌ، لا يعدم الدَّارسون ثمارَه ولو لم يكن منه إلّا معرفة الفنّ الَّذي ينضَوي تحته الكتاب -كَمَا أَسْلفت- لكفى، وكمْ من كتابٍ صرفَ عنه عنوانُه!!
غيرَ أنّ الإيجيَّ -رَحِمَهُ اللهُ- ارتضى سلوكَ منهجِ آخر، تسابق إليه بعضُ من سبقه، حيثُ يعزونَ مؤلَّفاتِهم إلى أَشْهرِ أعلامِ عصْرِهم، تزلُّفًا إليهم أَوْ اعترافًا بنِعْمتهم عليهم، أَوْ حتَّى تَشْجيعًا لهم على الأَخذ بيَدِ طلبة العلم والعلماء وتيسير أمورهم؛ كما نلتمسُ العذرَ به للإيْجيّ، الَّذي