كردم بن أبي السائب1 الأنصاري2 قال: خرجت مع أبي إلى المدينة، وذلك أول ما ذكر بمكة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم -الحمل: بالتحريك الجذع من الضأن فما دونه- فوثب الراعي فقال: يا عامر الوادي جارك، فنادى مناد لا نراه: يا سرحان أرسله، فأتى الحمل يشتد، أي: يجري بسرعة، حتى دخل الغنم ولم تصبه كدمة، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بمكة {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} 34 ومعنى الآية زاد الإنس الجن باستعاذتهم بقادتهم رهقا، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: إثما، وقيل: طغيانا، وقيل: غيا، وقيل: شرا، وقيل: عظمة، وذلك أنهم كانوا يزدادون بهذا التعوذ طغيانا وعظمة ويقولون -يعني: عظماء الجن-: سدنا الجن والإنس، والرهق في كلام العرب: الإثم وغشيان المحارم5.