والتوفيق بينه وبين ما قد يعارضه من النصوص كالآيتين مثلا ولكن مثل هذا النص مما لا وجود له بل الأدلة قائمة على خلافه وإليك البيان:

الدليل الأول: قوله تعالى في تمام الآية الثانية: {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} فقد شبههم الله تعالى - أعني موتى الأحياء من الكفار بالصم أيضا فهل هذا يقتضي في المشبه بهم (الصم) أنهم يسمعون أيضا ولكن سماعا لا انتفاع فيه أيضا أم أنه يقتضي أنهم لا يسمعون مطلقا كما هو الحق الظاهر الذي لا خفاء فيه. وفي التفسير المأثور ما يؤيد هذا الذي نقول فقال ابن جرير في " تفسيره " (21 / 36) لهذه الآية:

هذا مثل معناه: فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على أسماعهم فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين سلبهم الله أسماعهم بأن تجعل لهم أسماعا

وقوله: {ولا تسمع الصم الدعاء} يقول: كما لا تقدر أن تسمع الصم الذين قد سلبوا السمع إذا ولوا عنك مدبرين كذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه لسماع ذلك وفهمه

ثم روى بإسناد الصحيح عن قتادة قال:

هذا مثل ضربه الله للكافر فكما لا يسمع الميت الدعاء كذلك لا يسمع الكافر {ولا تسمع الصم الدعاء. .} يقول: لو أن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما سمع

وعزاه في " الدرر " (5 / 114) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم دون ابن جرير

وقد فسر القرطبي (13 / 232) هذه الآية بنحو ما سبق عن ابن جرير وكأنه اختصره منه

[23]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015