بينهم في ذلك فيما علمت ولكن ذلك لا يمنع الاستدلال بهما على ما سبق لأن الموتى لما كانوا لا يسمعون حقيقة وكان ذلك معروفا عند المخاطبين شبه الله تعالى بهم الكفار الأحياء في عدم السماع فدل هذا التشبيه على أن المشبه بهم - وهم الموتى في قبورهم - لا يسمعون كما يدل مثلا تشبيه زيد في الشجاعة بالأسد على أن الأسد شجاع بل هو في ذلك أقوى من زيد ولذلك شبه به وإن كان الكلام لم يسق للتحدث عن شجاعة الأسد نفسه وإنما عن زيد وكذلك الآيتان السابقتان وإن كانتا تحدثتا عن الكفار الأحياء وشبهوا بموتى القبور فذلك لا ينفي أن موتى القبور لا يسمعون بل إن كل عربي سليم السليقة لا يفهم من تشبيه موتى الأحياء بهؤلاء إلا أن هؤلاء أقوى في عدم السماع منهم كما في المثال السابق وإذا الأمر كذلك فموتى القبور لا يسمعون. ولما لاحظ هذا بعض المخالفين لم يسعه إلا أن يسلم بالنفي المذكور ولكنه قيده بقوله: " سماع انتفاع " يعني أنهم يسمعون ولكن سماعا لا انتفاع فيه (1) وهذا في نقدي قلب للتشبيه المذكور في الآيتين حيث جعل المشبه به مشبها فإن القيد المذكور يصدق على موتى الأحياء من الكفار فإنهم يسمعون حقيقة ولكن لا ينتفعون من سماعهم كما هو مشاهد فكيف يجوز جعل المشبه بهم من موتى القبور مثلهم في أنهم يسمعون ولكنهم لا ينتفعون من سماعهم مع أن المشاهد أنهم لا يسمعون مطلقا ولذلك حسن التشبيه المذكور في الآيتين الكريمتين فبطل القيد المذكور
ولقد كان من الممكن القول بنحو القيد المذكور في موتى القبور لو كان هناك نص قاطع على أن الموتى يسمعون مطلقا إذن لوجب الإيمان به