وَقَالَ بقراط إِن الْمَرْأَة إِذا حبلت لم تألم من اجْتِمَاع الدَّم الَّذِي ينزل ويجتمع حول رَحمهَا وَلَا تحس بِضعْف كَمَا تحس إِذا انحدر الطمث لِأَنَّهَا لَا يثور دَمهَا فِي كل شهر لكنه ينزل إِلَى الرَّحِم فِي كل يَوْم قَلِيلا قَلِيلا نزولا سَاكِنا من غير وجع فَإِذا أَتَى إِلَى الرَّحِم اغتذى مِنْهُ الْجَنِين ونما ثمَّ قَالَ وعَلى غير بعيد من ذَلِك إِذا خلق للجنين لحم وجسد تكون الْحجب وَإِذا كبر كَبرت الْحجب أَيْضا وَصَارَ لَهَا تجويف خَارج من الْجَنِين فَإِذا نزل الدَّم من الْأُم جذبه الْجَنِين واغتذى بِهِ فيزيد فِي لَحْمه والرديء من الدَّم الَّذِي لَا يصلح للغذاء ينزل إِلَى مجاري الْحجب وَكَذَلِكَ تسمى الْحجب الَّتِي إِذا صَار لَهَا تجويف يقبل الدَّم المشيمة
وَقَالَ إِذا تمّ الْجَنِين وكملت صورته واجتذب الدَّم لغذائه بالمقدار اتسعت الْحجب وَظَهَرت المشيمة الَّتِي تكون من الْآلَات الَّتِي ذكرنَا فَإِن اتَّسع داخلها اتَّسع خَارِجهَا لِأَنَّهُ أولى بذلك لِأَن لَهُ موضعا يَمْتَد إِلَيْهِ قلت وَمن هَا هُنَا لم تَحض الْحَامِل بل مَا ترَاهُ من الدَّم يكون دم فَسَاد لَيْسَ دم الْحيض الْمُعْتَاد هَذِه إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب أَحْمد الَّذِي لَا يعرف أَصْحَابه سواهُ وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَذهب الشَّافِعِي فِي رِوَايَة عَن عَائِشَة وَالْإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة عَنهُ اخْتَارَهَا شَيخنَا إِلَى أَن مَا ترَاهُ من الدَّم فِي وَقت عَادَتهَا يكون حيضا وَحجَّة هَذَا القَوْل