مِنْهَا فَيعلم أَنه مَخْلُوق لَهُ فَلَا يحملهُ على غَيره مَا كَانَ مَأْذُونا فِيهِ شرعا فَإِنَّهُ إِن حمله على غير مَا هُوَ مستعد لَهُ لم يفلح فِيهِ وَفَاته مَا هُوَ مُهَيَّأ لَهُ فَإِذا رَآهُ حسن الْفَهم صَحِيح الْإِدْرَاك جيد الْحِفْظ واعيا فَهَذِهِ من عَلَامَات قبُوله وتهيئه للْعلم لينقشه فِي لوح قلبه مَا دَامَ خَالِيا فَإِنَّهُ يتَمَكَّن فِيهِ ويستقر ويزكو مَعَه وَإِن رَآهُ بِخِلَاف ذَلِك من كل وَجه وَهُوَ مستعد للفروسية وأسبابها من الرّكُوب وَالرَّمْي واللعب بِالرُّمْحِ وَأَنه لَا نَفاذ لَهُ فِي الْعلم وَلم يخلق لَهُ مكنه من أَسبَاب الفروسية والتمرن عَلَيْهَا فَإِنَّهُ أَنْفَع لَهُ وللمسلمين وَإِن رَآهُ بِخِلَاف ذَلِك وَأَنه لم يخلق لذَلِك وَرَأى عينه مَفْتُوحَة إِلَى صَنْعَة من الصَّنَائِع مستعدا لَهَا قَابلا لَهَا وَهِي صناعَة مُبَاحَة نافعة للنَّاس فليمكنه مِنْهَا هَذَا كُله بعد تَعْلِيمه لَهُ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي دينه فَإِن ذَلِك ميسر على كل أحد لتقوم حجَّة الله على العَبْد فَإِن لَهُ على عباد الْحجَّة الْبَالِغَة كَمَا لَهُ عَلَيْهِم النِّعْمَة السابغة وَالله أعلم