هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا تعم بِهِ الْبلوى وَقد علم الشَّارِع أَن الطِّفْل يقيء كثيرا وَلَا يُمكن غسل فَمه وَلَا يزَال رِيقه ولعابه يسيل على من يربيه ويحمله وَلم يَأْمر الشَّارِع بِغسْل الثِّيَاب من ذَلِك وَلَا منع من الصَّلَاة فِيهَا وَلَا أَمر بالتحرز من ريق الطِّفْل فَقَالَت طَائِفَة من الْفُقَهَاء هَذَا من النَّجَاسَة الَّتِي يُعْفَى عَنْهَا للْمَشَقَّة وَالْحَاجة كطين الشوارع والنجاسة بعد الِاسْتِجْمَار ونجاسة أَسْفَل الْخُف والحذاء بعد دلكهما بِالْأَرْضِ وَقَالَ شَيخنَا وَغَيره من الْأَصْحَاب بل ريق الطِّفْل يطهر فَمه للْحَاجة كَمَا كَانَ ريق الْهِرَّة مطهرا لفمها وَقد أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا لَيست بِنَجس مَعَ علمه بأكلها الفأر وَغَيره وَقد فهم من ذَلِك أَبُو قَتَادَة طَهَارَة فمها وريقها وَكَذَلِكَ أصغى لَهَا الْإِنَاء حَتَّى شربت
وأخبرت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يصغي إِلَى الْهِرَّة مَاء حَتَّى تشرب ثمَّ يتَوَضَّأ بفضلها وَاحْتِمَال وُرُودهَا على مَاء كثير فَوق الْقلَّتَيْنِ فِي الْمَدِينَة فِي غَايَة الْبعد حَتَّى وَلَو كَانَت بَين مياه كَثِيرَة لم يكن هَذَا الِاحْتِمَال مزيلا لما علم من نَجَاسَة فمها لَوْلَا تَطْهِير الرِّيق لَهُ فالريق مطهر فَم الْهِرَّة وفم