والصحة عبارة عن استنباع الغاية من البيع بإباحة الانتفاع بالمبيع في الحال أو بعده, فلا بُعْدَ أن يراد بصحة البيع إباحة الانتفاع, ولا يرد بيع الخيار نقضًا؛ لأن فيه إباحة الانتفاع في ثاني حال.
قيل: الحكم الشرعي ما استفيد من الخطاب لا نفس الخطاب, فلا يعرف به, وفيه نظر؛ لأن الأحكام الخمسة أعني: الإيجاب والتحريم وباقيها هي كلماته النفسية, وليس الخطاب إلا ذلك, والوجوب والحرمة ليس بحكم, وإن أطلقوه عليه فهو على تساهل منهم.
واعترض المعتزلة الحدّ المذكور: بأن خطاب الله عندكم قديم والحكم حادث, فلا يعرف به, وإنما قلنا إنه حادث؛ لأنه يوصف بالحادث, فإنّا نقول: حلت بعد أن لم تحل, فالحكم الذي هو الحل موصوف بأنه حاصل بعد أن لم يكن حاصلًا, وهو معنى الحادث, والقديم لا يوصف بالحادث. [وأيضًا]: يوصف به فعل العبد, فيقال: هذا وطء حلال, أي ذو حلٍ, وفعل العبد حادث, فالصفة أولى.
وأيضًا: الحكم يعلل بفعل العبد, كقولنا: حلّت بالنكاح وحرمت بالطلاق, ما كان معللًا بالحادث الذي هو النكاح والطلاق اللذان هما فعل