فَهُوَ غَيْرُ مُطْلَقٍ قَالَ جَمْعٌ وَهُوَ الْأَقْعَدُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمَتْنَ مُصَرَّحٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعَادَ الْبَاءَ فِي بِتُرَابٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُجَاوِزِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِطٌ، وَأَنَّ التَّغَيُّرَ بِهِ مُغْتَفَرٌ مَعَ ذَلِكَ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الطَّهُورِيَّةِ.

وَأَصْلُ هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي حَدِّ الْمُخَالِطِ أَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ فَخَرَجَ التُّرَابُ، أَوْ مَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ فَدَخَلَ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ أَوْجُهٌ أَشْهَرُهَا الْأَوَّلُ وَقَضِيَّةُ جَزْمِهِمْ بِإِخْرَاجِ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرَادَ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ حَالًا وَلَا مَآلًا وَرَجَّحَ شَيْخُنَا فِي بَعْضِ كُتُبِهِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْقَايَاتِيِّ وَلِأَبِي زُرْعَةَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمَتْنِ، وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنَّ التُّرَابَ مُخَالِطٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ التَّعَارِيفِ الثَّلَاثَةِ الثَّانِي، وَأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ يُقَالُ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ حَالًا وَلَا مَآلًا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ فَيَتَّحِدَانِ، وَيَكُونُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بَيَانًا لِلْعُرْفِ فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ (وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا وَقِيلَ تَحْرِيمًا شَرْعًا لَا طِبًّا فَحَسْبُ فَيُثَابُ التَّارِكُ امْتِثَالًا شَدِيدَ حَرٍّ وَبَرْدٍ لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ أَوْ لِلضَّرَرِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي هَذَا حَدِيثَ «وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ» قُلْت لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي إسْبَاغٍ عَلَى مُكْرَهَةٍ لَا بِقَيْدِ الشِّدَّةِ، وَهَذَا مَعَ قَيْدِهَا الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ مَنْعُ وُقُوعِ الْعِبَادَةِ عَلَى كَمَالِ الْمَطْلُوبِ مِنْهَا.

وَ (الْمُشَمَّسُ) وَلَوْ مُغَطًّى لَكِنْ كَرَاهَةُ الْمَكْشُوفِ أَشَدُّ يَعْنِي مَا أَثَّرَتْ فِيهِ الشَّمْسُ بِحَيْثُ قَوِيَتْ عَلَى أَنْ تَفْصِلَ بِحِدَّتِهَا مِنْهُ زُهُومَةَ مَاءٍ كَانَ أَوْ مَائِعًا وَكُلُّ شُرُوطِهِ لِلْمُطَوَّلَاتِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَقْتَ الْحَرِّ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ، وَهُوَ مَا يَمْتَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَبِرْكَةٍ فِي جَبَلِ حَدِيدٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُتَأَمَّلُ هَذَا الْعَطْفُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ غَيْرُ مُطْلَقٍ) مُعْتَمَدٌ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْعَدُ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِالتُّرَابِ غَيْرُ مُطْلَقٍ أَوْفَقُ بِالْقَوَاعِدِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ التَّغَيُّرِ بِهِ فَتَعْرِيفُ غَيْرِ الْمُطْلَقِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ هَذَا) أَيْ الِاخْتِلَافِ فِي التُّرَابِ أَهُوَ مُخَالِطٌ أَوْ مُجَاوِرٌ (قَوْلُهُ هُوَ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ) اقْتَصَرَ الْمَحَلِّيُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَازَ مَا بِهِ ع ش (قَوْلُهُ فَخَرَجَ التُّرَابُ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَصْلُهُ بَعْدَ رُسُوبِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ مَا لَا يَتَمَيَّزُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُجَاوِرِ فِيهِمَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا إلَخْ) وَكَذَا رَجَّحَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنَّ ذَلِكَ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ التَّعَارِيفِ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَسَنَدَهُ الْبَخُورُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعَ تَمَيُّزِهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَبِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ فَالِاتِّحَادُ مَوْقُوفٌ عَلَى صِدْقِ كُلِّيَّةِ الْعَكْسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا أَفَادَهُ آنِفًا فِي التُّرَابِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَتَّحِدَانِ) أَيْ الْحَدَّانِ الْأَوَّلَانِ وَقَوْلُهُ فَلَا خِلَافَ أَيْ بَيْنَ التَّعَارِيفِ الثَّلَاثَةِ لِلْمُخَالِطِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ تَنْزِيهًا) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ تَحْرِيمًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَحْرِيمًا) وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ مُغْنِي أَيْ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ شَرْعًا لَا طِبًّا فَحَسْبُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ أَيْ كَرَاهَةُ الْمُشَمَّسِ شَرْعِيَّةٌ لَا إرْشَادِيَّةٌ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ الثَّوَابُ.

وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ وَلِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ يُثَابُ وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصَ مِنْ ثَوَابِ مَنْ مَحَّضَ قَصْدَ الِامْتِثَالِ اهـ.

(قَوْلُهُ شَدِيدُ حَرٍّ إلَخْ) أَيْ التَّطْهِيرُ بِأَحَدِهِمَا وَمُلَاقَاتُهُ لِلْبَدَنِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ) أَيْ كَمَالِ الْإِتْمَامِ، وَإِلَّا فَلَوْ مَنَعَا تَمَامَ الْوُضُوءِ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ وَتَحْرُمُ سم وع ش (قَوْلُهُ أَوْ لِلضَّرَرِ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِالطَّهَارَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ، وَكَذَا فِي ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ يُنَافِي هَذَا) أَيْ كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِ شَدِيدِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ حَدِيثُ وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ إلَخْ أَيْ الْمُفِيدُ لِطَلَبِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ مِنْ طَلَبِ الْإِسْبَاغِ عَلَى الْمَكَارِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مُكْرَهَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَبِضَمِّ الرَّاءِ الْمَشَقَّةُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعَ قَيْدِهَا) أَيْ وَالْكَرَاهَةُ مُقَيَّدَةٌ بِالشِّدَّةِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَالْمُشَمَّسُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ شَدِيدُ حَرٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُغَطًّى) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُكْرَهُ الطُّهْرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ غَيْرَ غَالِبٍ، وَأَنْ يُسْتَعْمَلَ وَمَا أَنَّبَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَشَدُّ) أَيْ لِشِدَّةِ تَأْثِيرِهَا فِيهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ يَعْنِي مَا أَثَّرَتْ فِيهِ الشَّمْسُ إلَخْ) أَيْ بِقَصْدٍ وَبِدُونِهِ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ شَرْحُ بَافَضْلٍ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَيْ مَا سَخَّنَتْهُ الشَّمْسُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَادًّا عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ حَقَّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِمُتَشَمِّسٍ سَوَاءٌ أَتَشَمَّسَ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا اهـ.

(قَوْلُهُ بِحَيْثُ قَوِيَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْإِيعَابِ وَضَابِطُ الْمُشَمَّسِ أَنْ تُؤَثِّرَ فِيهِ السُّخُونَةُ بِحَيْثُ تَفْصِلُ مِنْ الْإِنَاءِ أَجْزَاءً سَمِيَّةً تُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ لَا مُجَرَّدُ انْتِقَالِهِ مِنْ حَالَةٍ لِأُخْرَى بِسَبَبِهَا، وَإِنْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ اهـ أَيْ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ ع ش أَيْ حَيْثُ اخْتَارَ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ فِي الْمُغْنِي وَالْإِقْنَاعِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الْإِنَاءِ نِهَايَةٌ وَمَنْهَجٌ (قَوْلُهُ زُهُومَةٌ) تَعْلُو الْمَاءَ مَحَلِّيٌّ وَمَنْهَجٌ أَيْ تَظْهَرُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ مَعَ كَوْنِهَا مُنْبَثَّةٌ فِيهِ أَيْضًا، وَلِذَلِكَ لَوْ خُرِقَ الْإِنَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ وَاسْتُعْمِلَ الْمَاءُ كُرِهَ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ مَاءً كَانَ إلَخْ) أَيْ الْمُشَمَّسُ وَقَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَائِعًا) دُهْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَوَكَّلَ إلَخْ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلَهُ أَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ حَارٍّ إلَخْ) أَيْ كَأَقْصَى الصَّعِيدِ وَالْيَمَنِ وَالْحِجَازِ فِي الصَّيْفِ لَا بِقُطْرٍ مُعْتَدِلٍ كَمِصْرِ أَوْ بَارِدٍ كَالشَّامِ فَلَا يُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ فِيهِمَا وَلَوْ فِي الصَّيْفِ الصَّائِفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الشَّمْسِ فِيهِمَا ضَعِيفٌ، وَلَوْ خَالَفَتْ بَلْدَةٌ قُطْرَهَا حَرَارَةً أَوْ بُرُودَةً اُعْتُبِرَتْ دُونَهُ كَحَوْرَانَ بِالشَّامِ وَالطَّائِفِ بِالْحِجَازِ فَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَالَفَتْ إلَخْ) فِي ع ش وَالْبُجَيْرِمِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْحَرِّ) أَيْ فِي الصَّيْفِ ع ش (قَوْلُهُ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ) كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْخَزَفِ وَالْخَشَبِ وَالْجِلْدِ وَالْحَوْضِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَبِرْكَةٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْمُنْطَبِعِ بِالْقُوَّةِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ الِانْطِبَاعُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ.

(قَوْلُهُ لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ لَا مُطْلَقًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015